للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِ إِشْكَالٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ عائشة أَنَّهَا قَالَتْ: ( «كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَالَ: مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ» ) .

وَإِشْكَالٌ آخَرُ، وَهُوَ مَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " ( «أَنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يَتَغَدَّى، فَقَالَ: يَا أبا محمد ادْنُ إِلَى الْغَدَاءِ. فَقَالَ: أَوَلَيْسَ الْيَوْمُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: وَهَلْ تَدْرِي مَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: إِنَّمَا هُوَ يَوْمٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تَرَكَهُ» ) .

وَقَدْ رَوَى مسلم فِي " صَحِيحِهِ " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» ) فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَهَذَا فِيهِ أَنَّ صَوْمَهُ وَالْأَمْرَ بِصِيَامِهِ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِعَامٍ وَحَدِيثُهُ الْمُتَقَدِّمُ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَخْبَرَ أَنَّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ تُرِكَ بِرَمَضَانَ، وَهَذَا يُخَالِفُهُ حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: تُرِكَ فَرْضُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ، لِمَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ( «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>