للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَجَ فَاعْتَمَرَ.

وَيُذْكَرُ عَنْ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَمِرُ فِي السَّنَةِ مِرَارًا، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا» ) . وَيَكْفِي فِي هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْمَرَ عائشة مِنَ التَّنْعِيمِ سِوَى عُمْرَتِهَا الَّتِي كَانَتْ أَهَلَّتْ بِهَا، وَذَلِكَ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، وَلَا يُقَالُ: عائشة كَانَتْ قَدْ رَفَضَتِ الْعُمْرَةَ، فَهَذِهِ الَّتِي أَهَلَّتْ بِهَا مِنَ التَّنْعِيمِ قَضَاءً عَنْهَا ; لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا يَصِحُّ رَفْضُهَا. وَقَدْ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ» ) وَفِي لَفْظٍ ( «حَلَلْتِ مِنْهُمَا جَمِيعًا» ) .

فَإِنْ قِيلَ قَدْ ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ": ( «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: ارْفُضِي عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي» ) ، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ ( «انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي» ) وَفِي لَفْظٍ ( «أَهِلِّي بِالْحَجِّ، وَدَعِي الْعُمْرَةَ» ) ، فَهَذَا صَرِيحٌ فِي رَفْضِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ ارْفُضِيهَا وَدَعِيهَا، وَالثَّانِي: أَمْرُهُ لَهَا بِالِامْتِشَاطِ.

قِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ ارْفُضِيهَا: اتْرُكِي أَفْعَالَهَا وَالِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا، وَكُونِي فِي حَجَّةٍ مَعَهَا، وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: (حَلَلْتِ مِنْهُمَا جَمِيعًا) لَمَّا قَضَتْ أَعْمَالَ الْحَجِّ. وَقَوْلُهُ: ( «يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ» ) ، فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ إِحْرَامَ الْعُمْرَةِ لَمْ يُرْفَضْ، وَإِنَّمَا رُفِضَتْ أَعْمَالُهَا وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا، وَأَنَّهَا بِانْقِضَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>