للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَحْمُودَةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا اسْتَحَقَّ أَنْ يُسَمَّى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحْمَدُ وَهُوَ الَّذِي يَحْمَدُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ وَأَهْلُ الدُّنْيَا وَأَهْلُ الْآخِرَةُ؛ لِكَثْرَةِ خَصَائِلِهِ الْمَحْمُودَةِ الَّتِي تَفُوقُ عَدَّ الْعَادِّينَ وَإِحْصَاءَ الْمُحْصِينَ، وَقَدْ أَشْبَعْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَاهُنَا كَلِمَاتٍ يَسِيرَةً اقْتَضَتْهَا حَالُ الْمُسَافِرِ وَتَشَتُّتُ قَلْبِهِ وَتَفَرُّقُ هِمَّتِهِ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التَّكْلَانُ.

وَأَمَّا اسْمُهُ الْمُتَوَكِّلُ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ صِفَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُهُ الْمُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، بَلْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ، وَلَنْ أَقْبِضَهُ حَتَّى أُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الِاسْمِ؛ لِأَنَّهُ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ فِي إِقَامَةِ الدِّينِ تَوَكُّلًا لَمْ يُشْرِكْهُ فِيهِ غَيْرُهُ.

وَأَمَّا الْمَاحِي، وَالْحَاشِرُ، وَالْمُقَفِّي، وَالْعَاقِبُ، فَقَدْ فُسِّرَتْ فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، فَالْمَاحِي: هُوَ الَّذِي مَحَا اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ، وَلَمْ يَمْحُ الْكُفْرَ بِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ مَا مُحِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ بُعِثَ وَأَهْلُ الْأَرْضِ كُلُّهُمْ كُفَّارٌ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُمْ مَا بَيْنَ عُبَّادِ أَوْثَانٍ وَيَهُودَ مَغْضُوبٍ عَلَيْهِمْ وَنَصَارَى ضَالِّينَ وَصَابِئَةٍ دَهْرِيَّةٍ لَا يَعْرِفُونَ رَبًّا وَلَا مَعَادًا، وَبَيْنَ عُبَّادِ الْكَوَاكِبِ، وَعُبَّادِ النَّارِ، وَفَلَاسِفَةٍ لَا يَعْرِفُونَ شَرَائِعَ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا يُقِرُّونَ بِهَا، فَمَحَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>