وَهُوَ مَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ مِنْ خِطْمِيِّ وَنَحْوِهِ يُلَبَّدُ بِهِ الشَّعْرُ حَتَّى لَا يَنْتَشِرَ، وَأَهَلَّ فِي مُصَلَّاهُ، ثُمَّ رَكِبَ عَلَى نَاقَتِهِ، وَأَهَلَّ أَيْضًا، ثُمَّ أَهَلَّ لَمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ أَوْجَبَ فِي مُصَلَّاهُ، وَأَهَلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ، وَأَهَلَّ حِينَ عَلَا عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ.
وَكَانَ يُهِلُّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ تَارَةً، وَبِالْحَجِّ تَارَةً؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ جُزْءٌ مِنْهُ، فَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: قَرَنَ، وَقِيلَ: تَمَتَّعَ، وَقِيلَ: أَفْرَدَ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الظُّهْرِ بِيَسِيرٍ، وَهَذَا وَهْمٌ مِنْهُ، وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَهَلَّ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَطُّ: إِنَّ إِحْرَامَهُ كَانَ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ لَهُ هَذَا. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ( «مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا مِنْ عِنْدِ الشَّجَرَةِ حِينَ قَامَ بِهِ بَعِيرُهُ» ) ، وَقَدْ قَالَ أنس: إِنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَكِبَ) ، وَالْحَدِيثَانِ فِي " الصَّحِيحِ ".
فَإِذَا جَمَعْتَ أَحَدَهُمَا إِلَى الْآخَرِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَهَلَّ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ لَبَّى فَقَالَ: ( «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» ) ، وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِهَذِهِ التَّلْبِيَةِ حَتَّى سَمِعَهَا أَصْحَابُهُ، وَأَمَرَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute