وَقَالَ الحميدي: كَانَ سفيان يَقُولُ فِي الْحَدِيثِ: ( «أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَحْمُ حِمَارِ وَحْشٍ» ) ، وَرُبَّمَا قَالَ سفيان: يَقْطُرُ دَمًا، وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، وَكَانَ سفيان فِيمَا خَلَا رُبَّمَا قَالَ: حِمَارُ وَحْشٍ، ثُمَّ صَارَ إِلَى لَحْمٍ حَتَّى مَاتَ. وَفِي رِوَايَةٍ: شِقُّ حِمَارِ وَحْشٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: رِجْلُ حِمَارِ وَحْشٍ.
وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جعفر، عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الصعب ( «أَهْدَى لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَجُزَ حِمَارِ وَحْشٍ وَهُوَ بِالْجُحْفَةِ، فَأَكَلَ مِنْهُ وَأَكَلَ الْقَوْمُ» ) . قَالَ البيهقي: وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا، فَكَأَنَّهُ رَدَّ الْحَيَّ وَقَبِلَ اللَّحْمَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَإِنْ كَانَ الصعب بن جثامة أَهْدَى لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحِمَارَ حَيًّا، فَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ ذَبْحُ حِمَارِ وَحْشٍ، وَإِنْ كَانَ أَهْدَى لَهُ لَحْمَ الْحِمَارِ، فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ أَنَّهُ صِيدَ لَهُ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، وَإِيضَاحُهُ فِي حَدِيثِ جابر. قَالَ: وَحَدِيثُ مالك أَنَّهُ أَهْدَى لَهُ حِمَارًا أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ مَنْ حَدَّثَ لَهُ مِنْ لَحْمِ حِمَارٍ.
قُلْتُ: أَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جعفر، فَغَلَطٌ بِلَا شَكٍّ، فَإِنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ، وَقَدِ اتَّفَقَ الرُّوَاةُ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، إِلَّا هَذِهِ الرِّوَايَةَ الشَّاذَّةَ الْمُنْكَرَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute