للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ أَحْرَمْنَا بِالْحَجِّ، فَكَيْفَ نَجْعَلُهَا عُمْرَةً؟ فَقَالَ " انْظُرُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوهُ "، فَرَدَّدُوا عَلَيْهِ الْقَوْلَ، فَغَضِبَ ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عائشة وَهُوَ غَضْبَانُ، فَرَأَتِ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَتْ: مَنْ أَغْضَبَكَ، أَغْضَبَهُ اللَّهُ، فَقَالَ: وَمَا لِي لَا أَغْضَبُ وَأَنَا آمُرُ أَمْرًا فَلَا يُتَّبَعُ» ) .

وَنَحْنُ نُشْهِدُ اللَّهَ عَلَيْنَا أَنَّا لَوْ أَحْرَمْنَا بِحَجٍّ لَرَأَيْنَا فَرْضًا عَلَيْنَا فَسْخَهُ إِلَى عُمْرَةٍ تَفَادِيًا مِنْ غَضَبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتِّبَاعًا لِأَمْرِهِ. فَوَاللَّهِ مَا نُسِخَ هَذَا فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَهُ، وَلَا صَحَّ حَرْفٌ وَاحِدٌ يُعَارِضُهُ، وَلَا خَصَّ بِهِ أَصْحَابَهُ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ، بَلْ أَجْرَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى لِسَانِ سراقة أَنْ يَسْأَلَهُ: هَلْ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِهِمْ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ لِأَبَدِ الْأَبَدِ، فَمَا نَدْرِي مَا نُقَدِّمُ عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَهَذَا الْأَمْرُ الْمُؤَكَّدُ الَّذِي غَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ خَالَفَهُ.

وَلِلَّهِ دَرُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إِذْ يَقُولُ لسلمة بن شبيب، وَقَدْ قَالَ لَهُ: يَا أبا عبد الله كُلُّ أَمْرِكَ عِنْدِي حَسَنٌ إِلَّا خَلَّةً وَاحِدَةً، قَالَ وَمَا هِيَ؟ قَالَ: تَقُولُ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ. فَقَالَ: يَا سلمة! كُنْتُ أَرَى لَكَ عَقْلًا، عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ حَدِيثًا صِحَاحًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَأَتْرُكُهَا لِقَوْلِكَ؟ !

وَفِي " السُّنَنِ " عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، ( «أَنَّ عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْيَمَنِ، أَدْرَكَ فاطمة وَقَدْ لَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَنَضَحَتِ الْبَيْتَ بِنَضُوجٍ، فَقَالَ: مَا بَالُكِ؟ فَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَحَلُّوا» ) .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يزيد عَنْ مجاهد، قَالَ: ( «قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>