للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلِ الْمُسْلِمُونَ مُتَّفِقُونَ عَلَى جَوَازِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مُتْعَةُ الْفَسْخِ، احْتَمَلَ الْوُجُوهَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ. وَقَالَ الأثرم فِي " سُنَنِهِ ": وَذَكَرَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ حَدَّثَهُ عَنْ سفيان، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أبي ذر، فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ كَانَتْ لَنَا خَاصَّةً. فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: رَحِمَ اللَّهُ أبا ذر هِيَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦] [الْبَقَرَةِ ١٩٦] .

قَالَ الْمَانِعُونَ مِنَ الْفَسْخِ: قَوْلُ أبي ذر وعثمان: إِنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ أَوْ خَاصٌّ بِالصَّحَابَةِ، لَا يُقَالُ مِثْلُهُ بِالرَّأْيِ، فَمَعَ قَائِلِهِ زِيَادَةُ عِلْمٍ خَفِيَتْ عَلَى مَنِ ادَّعَى بَقَاءَهُ وَعُمُومَهُ، فَإِنَّهُ مُسْتَصْحِبٌ لِحَالِ النَّصِّ بَقَاءً وَعُمُومًا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الْيَدِ فِي الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ، وَمُدِّعِي فَسْخَهُ وَاخْتِصَاصَهُ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي تُقَدَّمُ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ.

قَالَ الْمُجَوِّزُونَ لِلْفَسْخِ: هَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ لَا شَكَّ فِيهِ، بَلْ هَذَا رَأْيٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَقَدْ صَرَّحَ - بِأَنَّهُ رَأْيُ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ عثمان وأبي ذر - عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، فَفِي " الصَّحِيحَيْنِ "، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ: تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَنَزَلَ الْقُرْآنُ، فَقَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ. وَلَفْظُ مسلم: ( «نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ - يَعْنِي مُتْعَةَ الْحَجِّ - وَأَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ مُتْعَةَ الْحَجِّ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى مَاتَ، قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ» ) ، وَفِي لَفْظٍ: يُرِيدُ عمر.

وَقَالَ عبد الله بن عمر لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْهَا؛ وَقَالَ لَهُ إِنَّ أَبَاكَ نَهَى عَنْهَا: أَأَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَوْ أَمْرُ أَبِي؟ !

<<  <  ج: ص:  >  >>