وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، أَوْ حميد، عَنِ الحسن «أَنَّ عمر أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: الْكَعْبَةُ غَنِيَّةٌ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ، وَأَرَادَ أَنْ يَنْهَى أَهْلَ الْيَمَنِ أَنْ يَصْبُغُوا بِالْبَوْلِ وَأَرَادَ أَنْ يَنْهَى عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: قَدْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ هَذَا الْمَالَ وَبِهِ وَبِأَصْحَابِهِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَأْخُذْهُ، وَأَنْتَ فَلَا تَأْخُذْهُ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ الْيَمَانِيَّةَ، فَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا تُصْبَغُ بِالْبَوْلِ، وَقَدْ تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا، وَلَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا نَهْيًا» .
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ عمر: لَوِ اعْتَمَرْتُ فِي وَسَطِ السَّنَةِ، ثُمَّ حَجَجْتُ، لَتَمَتَّعْتُ، وَلَوْ حَجَجْتُ خَمْسِينَ حَجَّةً، لَتَمَتَّعْتُ. وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قيس، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْهُ لَوِ اعْتَمَرْتُ فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ حَجَجْتُ، لَجَعَلْتُ مَعَ حَجَّتِي عُمْرَةً.
وَالثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْهُ لَوِ اعْتَمَرْتُ، ثُمَّ اعْتَمَرْتُ، ثُمَّ حَجَجْتُ، لَتَمَتَّعْتُ. وَابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ هشام بن حجير، وليث، عَنْ طَاوُوسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: هَذَا الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ - يَعْنِي عمر - سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَوِ اعْتَمَرْتُ، ثُمَّ حَجَجْتُ؛ لَتَمَتَّعْتُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَذَا وَكَذَا مَرَّةً مَا تَمَّتْ حَجَّةُ رَجُلٍ قَطُّ إِلَّا بِمُتْعَةٍ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، فَهُوَ أَنَّ عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَنْهَ عَنِ الْمُتْعَةِ الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا قَالَ: إِنَّ أَتَمَّ لِحَجِّكُمْ، وَعُمْرَتِكُمْ أَنْ تَفْصِلُوا بَيْنَهُمَا، فَاخْتَارَ عمر لَهُمْ أَفْضَلَ الْأُمُورِ، وَهُوَ إِفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَفَرٍ يُنْشِئُهُ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ، وَهَذَا أَفْضَلُ مِنَ الْقِرَانِ وَالتّمَتِّعِ الْخَاصِّ بِدُونِ سَفْرَةٍ أُخْرَى، وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أحمد، وأبو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute