للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْتَفِتُونَ إِلَى قَوْلِ مَنْ خَالَفَهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ ذَوْقُهُمْ وَمَعْرِفَتُهُمْ، بَلْ يَقْطَعُونَ بِخَطَئِهِ بِمَنْزِلَةِ الصَّيَارِفِ النُّقَّادِ، الَّذِينَ يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ، وَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى خَطَإِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ.

وَمِنَ الْمَعْلُومِ، أَنَّ عبدة وَابْنَ نُمَيْرٍ لَمْ يَقُولَا فِي هَذَا الْكَلَامِ: قَالَتْ عائشة، وَإِنَّمَا أَدْرَجَاهُ فِي الْحَدِيثِ إِدْرَاجًا، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِهِمَا، أَوْ مِنْ كَلَامِ عروة، أَوْ مِنْ هشام، فَجَاءَ وَكِيعٌ، فَفَصَّلَ وَمَيَّزَ، وَمَنْ فَصَّلَ وَمَيَّزَ فَقَدْ حَفِظَ وَأَتْقَنَ مَا أَطْلَقَهُ غَيْرُهُ، نَعَمْ لَوْ قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ وعبدة: قَالَتْ عائشة، وَقَالَ وَكِيعٌ: قَالَ هشام، لَسَاغَ مَا قَالَ أبو محمد وَكَانَ مَوْضِعَ نَظَرٍ وَتَرْجِيحٍ.

وَأَمَّا كَوْنُهُنَّ تِسْعًا وَهِيَ بَقَرَةٌ وَاحِدَةٌ، فَهَذَا قَدْ جَاءَ بِثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ، أَحَدُهَا أَنَّهَا بَقَرَةٌ وَاحِدَةٌ بَيْنَهُنَّ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ ضَحَّى عَنْهُنَّ يَوْمَئِذٍ بِالْبَقَرَةِ، وَالثَّالِثُ دَخَلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَزْوَاجِهِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي عَدَدِ مَنْ تُجْزِئُ عَنْهُمُ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ، فَقِيلَ: سَبْعَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وأحمد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَقِيلَ عَشَرَةٌ وَهُوَ قَوْلُ إسحاق.

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَسَمَ بَيْنَهُمُ الْمَغَانِمَ فَعَدَلَ الْجَزُورَ بِعَشْرِ شِيَاهٍ» .

وَثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ، أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ وَهُنَّ تِسْعٌ بِبَقَرَةٍ» .

وَقَدْ رَوَى سفيان عَنْ أبي الزبير، عَنْ جابر، «أَنَّهُمْ نَحَرُوا الْبَدَنَةَ فِي حَجِّهِمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَشَرَةٍ» وَهُوَ عَلَى شَرْطِ مسلم وَلَمْ يُخْرِجْهُ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَ قَوْلَهُ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ مَعَنَا النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، طُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>