للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَظَرٌ.

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ: عِنْدِي أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، إِنَّمَا طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ نَهَارًا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا: هَلْ صَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ أَوْ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَصَلَّى الظُّهْرَ بِهَا بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ؟ فابن عمر يَقُولُ: إِنَّهُ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَصَلَّى الظُّهْرَ بِهَا، وجابر يَقُولُ: إِنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ، وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ عائشة مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ أبي الزبير هَذِهِ الَّتِي فِيهَا أَنَّهُ أَخَّرَ الطَّوَافَ إِلَى اللَّيْلِ، وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يُرْوَ إِلَّا مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ وأبو الزبير مُدَلِّسٌ لَمْ يَذْكُرْ هَاهُنَا سَمَاعًا مِنْ عائشة، وَقَدْ عُهِدَ أَنَّهُ يَرْوِي عَنْهَا بِوَاسِطَةٍ، وَلَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، فَقَدْ عُهِدَ كَذَلِكَ أَنَّهُ يَرْوِي عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ فَيَجِبُ التَّوَقُّفُ فِيمَا يَرْوِيهِ أبو الزبير عَنْ عائشة وَابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّا لَا يَذْكُرُ فِيهِ سَمَاعَهُ مِنْهُمَا، لِمَا عُرِفَ بِهِ مِنَ التَّدْلِيسِ لَوْ عُرِفَ سَمَاعُهُ مِنْهَا لِغَيْرِ هَذَا، فَأَمَّا وَلَمْ يَصِحَّ لَنَا أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عائشة، فَالْأَمْرُ بَيِّنٌ فِي وُجُوبِ التَّوَقُّفِ فِيهِ، وَإِنِّمَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي قَبُولِ حَدِيثِ الْمُدَلِّسِ إِذَا كَانَ عَمَّنْ قَدْ عُلِمَ لِقَاؤُهُ لَهُ وَسَمَاعُهُ مِنْهُ هَاهُنَا.

يَقُولُ قَوْمٌ: يُقْبَلُ، وَيَقُولُ آخَرُونَ: يُرَدُّ مَا يُعَنْعِنُهُ عَنْهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الِاتِّصَالُ فِي حَدِيثٍ حَدِيثٍ، وَأَمَّا مَا يُعَنْعِنُهُ الْمُدَلِّسُ عَمَّنْ لَمْ يُعْلَمْ لِقَاؤُهُ لَهُ وَلَا سَمَاعُهُ مِنْهُ فَلَا أَعْلَمُ الْخِلَافَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ.

وَلَوْ كُنَّا نَقُولُ بِقَوْلِ مُسْلِمٍ بِأَنَّ مُعَنْعَنَ الْمُتَعَاصِرَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاتِّصَالِ وَلَوْ لَمْ يُعْلَمِ الْتِقَاؤُهُمَا، فَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُدَلِّسِينَ.

وَأَيْضًا فَلِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ صِحَّةِ طَوَافِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ نَهَارًا. وَالْخِلَافُ فِي رِدِّ حَدِيثِ الْمُدَلِّسِينَ حَتَّى يُعْلَمَ اتِّصَالُهُ أَوْ قَبُولُهُ حَتَّى يُعْلَمَ انْقِطَاعُهُ، إِنَّمَا هُوَ إِذَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَا لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ، وَهَذَا قَدْ عَارَضَهُ مَا لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ. انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَيَدُلُّ عَلَى غَلَطِ أبي الزبير عَلَى عائشة أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَوَى: (عَنْ عائشة أَنَّهَا قَالَتْ: «حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ» ) .

وَرَوَى محمد بن إسحاق عَنْ عبد الرحمن بن القاسم، عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>