وَزَرَافَاتٍ، بَلْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنَ الصَّلَاةِ خَلْفَ إِمَامٍ يَكُونُ نَائِبًا عَنْهُ، وَلَمْ يَنْقُلْ هَذَا أَحَدٌ قَطُّ، وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ: إِنَّهُ اسْتَنَابَ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ، وَلَوْلَا عِلْمُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيُصَلِّي بِهِمْ. لَقَالَ: إِنْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَسْتُ عِنْدَكُمْ، فَلْيُصَلِّ بِكُمْ فُلَانٌ، وَحَيْثُ لَمْ يَقَعْ هَذَا وَلَا هَذَا، وَلَا صَلَّى الصَّحَابَةُ هُنَاكَ وُحْدَانًا قَطْعًا، وَلَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ إِذَا اجْتَمَعُوا أَنْ يُصَلُّوا عِزِينَ، عُلِمَ أَنَّهُمْ صَلَّوْا مَعَهُ عَلَى عَادَتِهِمْ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ صَلَّى بِمَكَّةَ، لَكَانَ خَلْفَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْبَلَدِ وَهُمْ مُقِيمُونَ، وَكَانَ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُتِمُّوا صَلَاتَهُمْ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُمْ قَامُوا فَأَتَمُّوا بَعْدَ سَلَامِهِ صَلَاتَهُمْ، وَحَيْثُ لَمْ يُنْقَلْ هَذَا وَلَا هَذَا، بَلْ هُوَ مَعْلُومُ الِانْتِفَاءِ قَطْعًا، عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ حِينَئِذٍ بِمَكَّةَ. وَمَا يَنْقُلُهُ بَعْضُ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ أَنَّهُ قَالَ: ( «يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ» ) فَإِنَّمَا قَالَهُ عَامَ الْفَتْحِ، لَا فِي حَجَّتِهِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَمَّا طَافَ، رَكَعَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا خَلْفَهُ يَقْتَدُونَ بِهِ فِي أَفْعَالِهِ وَمَنَاسِكِهِ، فَلَعَلَّهُ لَمَّا رَكَعَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ، وَالنَّاسُ خَلْفَهُ يَقْتَدُونَ بِهِ، ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، وَهَذَا الْوَهْمُ لَا يُمْكِنُ رَفْعُ احْتِمَالِهِ بِخِلَافِ صَلَاتِهِ بِمِنًى، فَإِنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَ الْفَرْضِ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَا يُحْفَظُ عَنْهُ فِي حَجِّهِ أَنَّهُ صَلَّى الْفَرْضَ بِجَوْفِ مَكَّةَ، بَلْ إِنَّمَا كَانَ يُصَلِّي بِمَنْزِلِهِ بِالْأَبْطَحِ بِالْمُسْلِمِينَ مُدَّةَ مُقَامِهِ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ أَيْنَ نَزَلُوا لَا يُصَلِّي فِي مَكَانٍ آخَرَ غَيْرِ الْمَنْزِلِ الْعَامِّ.
الْخَامِسُ: أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَحَدِيثَ جابر مِنْ أَفْرَادِ مسلم. فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَصَحُّ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي إِسْنَادِهِ فَإِنَّ رُوَاتَهُ أَحْفَظُ وَأَشْهَرُ وَأَتْقَنُ، فَأَيْنَ يَقَعُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، وَأَيْنَ يَقَعُ حِفْظُ جعفر مِنْ حِفْظِ نافع؟
السَّادِسُ: أَنَّ حَدِيثَ عائشة قَدِ اضْطَرَبَ فِي وَقْتِ طَوَافِهِ، فَرُوِيَ عَنْهَا عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute