( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَنْفِرَ مِنْ مِنًى: نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ» ) . يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُحَصَّبَ؛ وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَبَنِي كِنَانَةَ تَقَاسَمُوا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ أَلَّا يُنَاكِحُوهُمْ، وَلَا يَكُونَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ شَيْءٌ حَتَّى يُسَلِّمُوا إِلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَصَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِظْهَارَ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَظَهَرُوا فِيهِ شَعَائِرَ الْكُفْرِ وَالْعَدَاوَةِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهَذِهِ كَانَتْ عَادَتُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ شِعَارَ التَّوْحِيدِ فِي مَوَاضِعِ شَعَائِرِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ، كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْنَى مَسْجِدُ الطَّائِفِ مَوْضِعَ اللَّاتِ وَالْعُزَّى.
قَالُوا: وَفِي " صَحِيحِ مسلم ": عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر، وعمر كَانُوا يَنْزِلُونَهُ. وَفِي رِوَايَةٍ لمسلم عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى التَّحْصِيبَ سُنَّةً.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ ( «عَنِ ابْنِ عُمَرَ: كَانَ يُصَلِّي بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَيَهْجَعُ، وَيَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ» ) .
وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ وعائشة إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْزِلُ اتِّفَاقٍ فَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ": عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ( «لَيْسَ الْمُحَصَّبُ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَكُونَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ» ) .
وَفِي " صَحِيحِ مسلم ": ( «عَنْ أبي رافع لَمْ يَأْمُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَنْزِلَ بِمَنْ مَعِي بِالْأَبْطَحِ، وَلَكِنْ أَنَا ضَرَبْتُ قُبَّتَهُ، ثُمَّ جَاءَ فَنَزَلَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ بِتَوْفِيقِهِ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِهِ: " نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ "، وَتَنْفِيذًا لِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute