يُرِيدُونَ أَنْ يُفَوِّتُوا الْغُبَارَ.
وَمَنْشَأُ هَذَا الْوَهْمِ اشْتِبَاهُ الْإِيضَاعِ وَقْتَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ الَّذِي يَفْعَلُهُ الْأَعْرَابُ، وَجُفَاةُ النَّاسِ بِالْإِيضَاعِ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ، فَإِنَّ الْإِيضَاعَ هُنَاكَ بِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ نَهَى عَنْهُ، وَالْإِيضَاعُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ سُنَّةٌ نَقَلَهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جابر، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَفَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ ابن الزبير يُوضِعُ أَشَدَّ الْإِيضَاعِ، وَفَعَلَتْهُ عائشة وَغَيْرُهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ مَنْ أَثْبَتَ لَا قَوْلُ مَنْ نَفَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
وَمِنْهَا وَهْمُ طَاوُوسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُفِيضُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي مِنًى إِلَى الْبَيْتِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " وَيُذْكَرُ عَنْ أبي حسان عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ أَيَّامَ مِنًى» ) ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَرْعَرَةَ، قَالَ: دَفَعَ إِلَيْنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ كِتَابًا، قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي، وَلَمْ يَقْرَأْهُ، قَالَ: وَكَانَ فِيهِ عَنْ أبي حسان، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ كُلَّ لَيْلَةٍ مَا دَامَ بِمِنًى» ) ، قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا وَاطَأَهُ عَلَيْهِ. انْتَهَى. وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ فِي " جَامِعِهِ " عَنِ ابن طاووس عَنْ أَبِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute