للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَعَامَّةُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ صَحِيحَةٌ، وَسَائِرُهَا حَسَنٌ وَالْمُعَارِضُ لَهَا إِمَّا مَعْلُولُ السَّنَدِ وَإِمَّا ضَعِيفُ الدَّلَالَةِ فَلَا يُرَدُّ صَرِيحُ نَهْيِهِ الْمُسْتَفِيضُ عَنْهُ بِذَلِكَ كَحَدِيثِ عِرَاكٍ عَنْ عائشة، «ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أُنَاسًا يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِفُرُوجِهِمْ فَقَالَ (أَوَقَدْ فَعَلُوهَا حَوِّلُوا مَقْعَدَتِي قِبَلَ الْقِبْلَةِ) » رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.

وَقَالَ هُوَ أَحْسَنُ مَا رُوِيَ فِي الرُّخْصَةِ، وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا، وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ طَعَنَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يُثْبِتُوهُ، وَلَا يَقْتَضِي كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ تَثْبِيتَهُ وَلَا تَحْسِينَهُ، قَالَ الترمذي فِي كِتَابِ " الْعِلَلِ الْكَبِيرِ " لَهُ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ فِيهِ اضْطِرَابٌ، وَالصَّحِيحُ عِنْدِي عَنْ عائشة مِنْ قَوْلِهَا انْتَهَى.

قُلْتُ: وَلَهُ عِلَّةٌ أُخْرَى، وَهِيَ انْقِطَاعُهُ بَيْنَ عِرَاكٍ وعائشة، فَإِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهَا، وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عائشة، وَلَهُ عِلَّةٌ أُخْرَى، وَهِيَ ضَعْفُ خالد بن أبي الصلت.

وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ جابر: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةُ بِبَوْلٍ، فَرَأَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِعَامٍ يَسْتَقْبِلُهَا» ، وَهَذَا الْحَدِيثُ اسْتَغْرَبَهُ الترمذي بَعْدَ تَحْسِينِهِ، وَقَالَ الترمذي فِي كِتَابِ " الْعِلَلِ ": سَأَلْتُ مُحَمَّدًا يَعْنِي الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُ الْبُخَارِيِّ صِحَّتَهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، لَمْ يَدُلَّ عَلَى صِحَّتِهِ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ صِحَّتَهُ فِي نَفْسِهِ، فَهِيَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ، حُكْمُهَا حُكْمُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لَمَّا رَأَى " «رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ» "، وَهَذَا يَحْتَمِلُ وُجُوهًا سِتَّةً: نَسْخٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>