فَسَمَّى أَحَدُهُمْ، هَلْ تَزُولُ مُشَارَكَةُ الشَّيْطَانِ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ بِتَسْمِيَتِهِ وَحْدَهُ، أَمْ لَا تَزُولُ إِلَّا بِتَسْمِيَةِ الْجَمِيعِ؟ فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى إِجْزَاءِ تَسْمِيَةِ الْوَاحِدِ عَنِ الْبَاقِينَ، وَجَعَلَهُ أَصْحَابُهُ كَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا تُرْفَعُ مُشَارَكَةُ الشَّيْطَانِ لِلْآكِلِ إِلَّا بِتَسْمِيَتِهِ هُوَ، وَلَا يَكْفِيهِ تَسْمِيَةُ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي حَدِيثِ حذيفة ( «إِنَّا حَضَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّمَا تُدْفَعُ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهَا، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّمَا يُدْفَعُ فَأَخَذَ بِيَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ يَدَهُ لَفِي يَدِي مَعَ يَدَيْهِمَا) ثُمَّ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ وَأَكَلَ» ، وَلَوْ كَانَتْ تَسْمِيَةُ الْوَاحِدِ تَكْفِي، لَمَا وَضَعَ الشَّيْطَانُ يَدَهُ فِي ذَلِكَ الطَّعَامِ.
وَلَكِنْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ قَدْ وَضَعَ يَدَهُ، وَسَمَّى بَعْدُ وَلَكِنَّ الْجَارِيَةَ ابْتَدَأَتْ بِالْوَضْعِ بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَكَذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ، فَشَارَكَهُمَا الشَّيْطَانُ، فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ الشَّيْطَانَ شَارَكَ مَنْ لَمْ يُسَمِّ بَعْدَ تَسْمِيَةِ غَيْرِهِ؟ فَهَذَا مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ، لَكِنْ قَدْ رَوَى الترمذي وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ عائشة قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ طَعَامًا فِي سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَمَا إِنَّهُ لَوْ سَمَّى لَكَفَاكُمْ» ) وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُولَئِكَ السِّتَّةَ سَمَّوْا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute