للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ " الْوَاوَ " فِي مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ تَقْتَضِي تَقْرِيرَ الْأَوَّلِ وَإِثْبَاتَ الثَّانِي، فَإِذَا أُمِرَ بِالْوَاوِ فِي الرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ ( «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، فَقُولُوا: " وَعَلَيْكُمْ» ) فَذِكْرُهَا فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْلَى وَأَحْرَى.

وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى إِلَى أَنَّ ذَلِكَ رَدٌّ صَحِيحٌ، كَمَا لَوْ كَانَ بِالْوَاوِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ، وَاحْتَجَّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} [الذاريات: ٢٤] (الذَّارِيَاتِ: ٢٤) ، أَيْ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، لَا بُدَّ مِنْ هَذَا، وَلَكِنْ حَسُنَ الْحَذْفُ فِي الرَّدِّ، لِأَجْلِ الْحَذْفِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَاحْتَجُّوا بِمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ، قَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، فِإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ: " وَرَحْمَةُ اللَّهِ» ) فَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذِهِ تَحِيَّتُهُ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِهِ، قَالُوا: وَلِأَنَّ الْمُسَلَّمَ عَلَيْهِ مَأْمُورٌ أَنْ يُحَيِّيَ الْمُسَلِّمَ بِمِثْلِ تَحِيَّتِهِ عَدْلًا، وَبِأَحْسَنَ مِنْهَا فَضْلًا، فَإِذَا رَدَّ عَلَيْهِ بِمِثْلِ سَلَامِهِ، كَانَ قَدْ أَتَى بِالْعَدْلِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ ( «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ» ) فَهَذَا الْحَدِيثُ قَدِ اخْتُلِفَ فِي لَفْظَةِ " الْوَاوِ " فِيهِ، فَرُوِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: بِالْوَاوِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>