للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرَ مالك، عَنْ نافع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: ( «كَانَ إِذَا عَطَسَ فَقِيلَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، قَالَ: يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ، وَيَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ» )

فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْمَبْدُوءِ بِهِ: أَنَّ التَّشْمِيتَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ الْعَاطِسَ يَحْمَدُ اللَّهَ، وَلَا يُجْزِئُ تَشْمِيتُ الْوَاحِدِ عَنْهُمْ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَاخْتَارَهُ ابن أبي زيد، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيَّانِ، وَلَا دَافِعَ لَهُ.

وَقَدْ رَوَى أبو داود: ( «أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَعَلَى أُمِّكَ " ثُمَّ قَالَ: " إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ " قَالَ: فَذَكَرَ بَعْضَ الْمَحَامِدِ، وَلْيَقُلْ لَهُ مَنْ عِنْدَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَلْيَرُدَّ - يَعْنِي عَلَيْهِمْ - يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ» )

وَفِي السَّلَامِ عَلَى أُمِّ هَذَا الْمُسَلِّمِ نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ، وَهِيَ إِشْعَارُهُ بِأَنَّ سَلَامَهُ قَدْ وَقَعَ فِي غَيْرِ مَوْقِعِهِ اللَّائِقِ بِهِ، كَمَا وَقَعَ هَذَا السَّلَامُ عَلَى أُمِّهِ، فَكَمَا أَنَّ سَلَامَهُ هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ كَذَلِكَ سَلَامُهُ هُوَ.

وَنُكْتَةٌ أُخْرَى أَلْطَفُ مِنْهَا، وَهِيَ تَذْكِيرُهُ بِأُمِّهِ وَنَسَبِهِ إِلَيْهَا، فَكَأَنَّهُ أُمِّيٌّ مَحْضٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>