وَكَثُرَ الْإِسْلَامُ بِالْمَدِينَةِ وَظَهَرَ، ثُمَّ رَجَعَ مصعب إِلَى مَكَّةَ، وَوَافَى الْمَوْسِمَ ذَلِكَ الْعَامَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَزَعِيمُ الْقَوْمِ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْعَقَبَةِ الثُّلُثَ الْأَوَّلَ مِنَ اللَّيْلِ تَسَلَّلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا وَامْرَأَتَانِ، فَبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِفْيَةً مِنْ قَوْمِهِمْ وَمِنْ كُفَّارِ مَكَّةَ، عَلَى أَنْ يَمْنَعُوهُ مِمَّا يَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ وَأُزُرَهُمْ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ لَيْلَتَئِذٍ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، وَكَانَتْ لَهُ الْيَدُ الْبَيْضَاءُ، إِذْ أَكَّدَ الْعَقْدَ وَبَادَرَ إِلَيْهِ، وَحَضَرَ العباس عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَكِّدًا لِبَيْعَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، وَاخْتَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا، وَهُمْ: أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، ورافع بن مالك، وَالْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر، وَكَانَ إِسْلَامُهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، والمنذر بن عمرو، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، فَهَؤُلَاءِ تِسْعَةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَوْسِ: أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ، وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ، ورفاعة بن عبد المنذر. وَقِيلَ: بَلْ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التّيِّهَانِ مَكَانَهُ.
وَأَمَّا الْمَرْأَتَانِ: فأم عمارة نسيبة بنت كعب بن عمرو، وَهِيَ الَّتِي قَتَلَ مسيلمة ابْنَهَا حبيب بن زيد، وأسماء بنت عمرو بن عدي.
فَلَمَّا تَمَّتْ هَذِهِ الْبَيْعَةُ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَمِيلُوا عَلَى أَهْلِ الْعَقَبَةِ بِأَسْيَافِهِمْ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَصَرَخَ الشَّيْطَانُ عَلَى الْعَقَبَةِ بِأَنْفَذِ صَوْتٍ سُمِعَ: يَا أَهْلَ الْجَبَاجِبِ هَلْ لَكُمْ فِي مُذَمَّمٍ وَالصُّبَاةُ مَعَهُ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute