ثم ما شأن جمعية العلماء في هذا الأمر؟ - إن سمحت الطان لنفسها بحشر ابن جلول في ميدان التهييج السياسي- وهو بريء منه- فالرجل على كل حال رجل سياسة، ويمكن مصادمته، ويستطيع النضال عن نفسه في هذا المدان. أما جمعية العلماء المسلمين وهي الدينية التهذيبية البحتة، وهي البعيدة كل البعد عن السياسة والسياسيين، وهي التي لا علاقة لها مع الشعب إلا في ميدان الإصلاح المديني والتهذيب الاجتماعي ورفع الأمية عن القوم، فما أسخف الطان وما أسخف ذوي السخائم الذين أملوا على الطان تلك الأقوال في شأنها.
هذه الجمعية جمعية العلماء صحفها منشورة، وأقوالها مأثورة، وأعمالها مشهورة، فليأت هلؤلاء الأفاكون بكلمة أو قول أو فعل يمكن به إتهام الجمعية أو أفراد الجمعية أو القائمين بأمر الجمعية بأنهم يعمدون إلى التهييج أو يعينون على التهييج- هذا إن فرضنا جدلا أن الهيجان موجود.
وإن طالبت الجمعية بإلقاء الوعظ في المساجد، فقدما كانت المساجد مفتوحة في وجه علمائها ودعاتها، وقدماً عقدت الجمعية مجالس الدعوة والإرشاد تحت رعاية ورئاسة رجال الحكومة والبلدية فهل يستطيع أحد من رجال- البوليس أو من رجال البلدية أو الحكومة الادعاء بأن الجمعية قد حادت ولو مرة واحدة في كل حياتها عن سلوك طريق الإرشاد العلمي الديني سواء بالمساجد أو المجتمعات العامة وإشارت على الناس ولو من طرف خفي بتأييد المهيجين وإعانة الهيجان؟
{هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}!
ثم ما شأن الأمير شاكيب أرسلان، وما شأن الوهابية، وما شأن الجامعة العربية في كل هذا؟
إنهم يعلمون علم اليقين أنه ليس في الحركة الإصلاحية ولا في