الستين فما استطاعوا أن يؤثروا الأثر المطلوب في مريديهم ومنهم منساعدهم الطالع أن كانوا في سن الشباب فعالجوا التأليف والوعظ والتعليم فانتفع بهم الناس كل النفع ومنهم من لم يتمرنوا على الكتابة والالقاء فبقيت لهم أفكارهم في دائرة القوة لم يتعد أثرها المحتفين بهم من الأصحاب والمريدين.
ولقد كانت له صداقة أكيدة بالعالم المطران يوسف داود السرياني يتسامران ويتحدثان ويتهامسان ويتناقشان. وما أدري إن كان المطران أثر في الشيخ أو أثر الشيخ في المطران؟ سمعت الشيخ يثني الثناء المستطاب على صديقه المطران، وقد طالت به صحبته وعشرته. وهكذا كان له اتصال بالأرمن واليهود واليسوعيين الكاثوليك والأميركان البروتستانت. وكان يغضي عن كثير من النقد على رجال الدين من غير المسلمين ويقول هم أقرب الناس إلينا يعتقدون بالله واليوم الآخر وخلود النفس. وكانت جميع الطوائف تستلطفه وتحب عشرته على ما بينها وبينه من التخالف الظاهر في الزي والعادة والخلق والمذهب ويطلعونه من سرائرهم على ما لا يبوحون به لأقرب الناس إليهم وسمعته غير مرة يقول:"الحمد لله لقد سالمنا كل الفرق".
صحب بعض الزنادقة وما زال يصبر على ما ينبو عنه سمعه من تصريحهم وتعريضهم وما فتيء يلقنهم أفكاره بالتؤدة مدة حتى عاد بهم إلى حظيرة الدين وهم لم يشعروا فيما أحسب بما دخل على عقولهم من التبدل وصحب كثيراً من غلاة الشيعة والطوائف الباطنية فما برح يلطف لهم حتى أضعف من غلوائهم وأبدلهم بعد الجفوة أنسا وغير من انقباضهم وانقباض الناس عنهم، ليعيشوا في هناء وسط المجتمع الإنساني الأكبر.
وكان يتفنن في بث الأفكار الصحيحة وإخراج قومه من الأمية