المميتة ويحمل خاصته ومن يصل صوته إليهم على تعليم أولادهم الممكن من ضروب العلم الذي يتناسب مع حالتهم الاجتماعية. وقال لي مراراً إذا أردت إدخال الإصلاح إلى بيوت الأعيان وفيهم الجاه والمال فأجهد لأن يتعلم ولو فرد واحد من كل أسرة تقلب به كيانها. وكثيراً ما قال لنخرجن من بيوت الأغنياء أولاداً يحاربونهم بسلاح التربية الصحيحة وقد وفق إلى ذلك بعض الشيء، وكان يقول لو طلب مني اليهود أن أعلمهم ما تأخرت ساعة عن إجابة طلبهم لأن في تعليمهم تقريبا لهم منا مهما كانت المباينة والفوارق بيننا وبينهم.
ما رأيت الشيخ يبغض إنساناً بغضه لشقيقين دمشقيين جعلا شعار العلم على رأسيهما وكان إذا ذكر أحدهما أو كلاهما في مجلسه يقول (دعونا) وتنقبض نفسه انقباضا دونه كل انقباض ولو علمت أن بغضه لهما- وكانا بغيضين للناس- كان ناشئاً من كونهما أعطيا عهداً على أنفسهما أن يصدا الناس عن طلب العلم لبطل عجبك. وأكد الأستاذ أن الأخوين قد وفقا بدعايتهما الضارة إلى أن قطعا عن الدرس نحو أربعين طالباً، كان يرجى أن يكون منهم متعلمون بل علماء عاملون وكان من عادة بعض أدعياء العلماء من الشيوخ أن يرغبوا الناس عن الدرس ليخلو لهم الجو ويستمتعوا وحدهم بالمناصب الدينية والأوقاف والمدارس والجوامع لا ينازعهم أحد في شؤونهم ما خلا أبناء بيوت محدودة معروفة ممن هم على شاكلتهم في غش الأمة والاستئثار بمرافقها. فكان شأن هؤلاء في الاستئثار الممقوت شأن كهنة قدماء المصريين لا يسمحون لغير فئة خاصة بالتعلم أو شأن أصحاب الطبقات من الهنود أو اللاويين عند اليهود لا يدخل أهل طبقة في طبقة غيرها مهما تبدل من حالتها.
من أجل هذا كان من رأي الشيخ أن يتعلم كل طالب علم (العلم الإسلامي) صناعة أو تجارة أو نحو ذلك من أسباب المعاش مما يغنيه