للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأخرت البلاد عما كانت عليه من قبل. وقد نصحت كثيرا من المحدثين من الأحرار بأن يعدلوا مشربهم وحذرتهم عواقب الأمر غلبوا أم غلبوا فأبوا إلا الإصرار على فكرهم وما قلت لهم رأيي إلا بعد أن ألحوا علي في بيانه وحضر اناس منهم من مركز جمعيتهم وطلبوا مني التفصيل بعد أن بينت لهم ذلك إجمالا فرأيت أنهم يوافقونني في البدء ويخالفونني في النهاية فامتنعت في إتمام البيان وتشاغلت عنهم.

فإني رأيتهم يظنون أن حلهم لبعض مسائل الجبر والمقابلة يحل لهم مسائل إدارة البلاد. إن كثيراً ممن كنا نزدري برأيهم في السياسة من تلاميذ المدارس في مصر هم أرقى منهم في ذلك.

وقد اجتمع بنا في هذه الليلة أحد المرسلين منهم وسمع منا هذه العبارة وهي ملقاة على صورة تحتمل الجد والهزل فدهش وعرف أنها الى الجد أقرب منها إلى الهزل وكان يتكتم فاضطر إلى الانطلاق فيما يراه من الأخطار التي يصعب تداركها ... إني متشوق لاخبار كثيرة من الولايات لعلنا نسمع بظهور الحزب الأوسط في واحدة منها فيسري ذلك في غيرها شيئا فشيئا. وهذا الحزب يلحقه في أول الأمر أشد اضطهاد لأن الحزبين المتطرفين يبغضانه أكثر مما يبغض أحدهما الآخر لاعتقادهم بأنه أقرب إلى انضمام كثير من الحزبين إليه.

وقال من كتاب عن القاهرة في ١٩ صفر سنة ١٣٢٨:

" وبعد فقد وصلني كتابكم الكريم منبئا بعودكم من بلاد أوربا فسررت بذلك سرورا شديدا وكنت أتمنى لكم هذه الرحلة من زمن قديم لما اتيقنه من الفائدة التامة العامة في ذلك فإن الاقتباس من الأمم المترقية دليل على النباهة لا كما يظن البله من أن في الاقتباس غضاضة ونريد بالاقتباس ما يشعر به هذا اللفط من تلقي الأمور النافعة لا كما يظنه المتكايسون من أن الأمم الراقية ينبغي أن يؤخذ منها كل شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>