إصلاح عادة لكنه يرى أن الكلام في ذلك يكفي فيه عشرة أسطر فيرى أن الناس يزدرون بذلك وينسبونه لقلة القدرة على الإنشاء فيترك الكتابة فيه أو يسهب إسهابا لا داعي له من سرد مقدمات معلومة مسلمة لو تركها لكان أقرب إلى الفهم وأبعد من الوهم وما ذلك إلا من تأثير الحشوية فيهم وقولهم أن الناس نسبوك لعدم الاقتدار على الكتابة. فينبغي أن يكون في المجلة ولو مقدار صفحة تبحث في العادات على اختلاف أنواعها وتعليم ذلك للبنين والبنات. هذا ومن جهة رأي الناس في حقكم فإن النبهاء المنصفين منهم يجعلونكم ممن ثبت في حين الشدة ولا تعبأوا بمن يلوم عن جهل وغباوة فإن ذم هؤلاء أقرب إلى المدح من ثنائهم.
وكتب إليَّ يقوي عزيمتي على العمل:
"وأرجو أن يكون ما حصل لكم من المروعات زائدا في نشاطكم في إفادة الأمة، فإنها في احتياج شديد إلى من يبين لها الطريق الأقوم من أرباب الوقوف والإخلاص وأعظم ما تحتاج إليه هو أمر الأخلاق وما يتعلق بها ومعرفة الأمور العمرانية على وجه لا يكون فيه إخلال بمعالي الأمور وتنبيههم على عدم التعويل على المدنية التي كان الغربيون قديماً يفتخرون بها ويزدرون بمن لا يتابعهم عليها مما هو مبني على مجرد مراعاة الأمور المادية دون غيرها وهي التي جلبت هذه المصائب الحاضرة وقد أشرتم بطرف خفي إلى ذلك في محاضرتكم التي ألقيتموها في مصر حين فراركم من دمشق إليها وقد صرحنا في ذلك في قصيدتنا البائية المطبوعة في الجزء الرابع من منتخبات الجوائب. وقد كان أناس يقرؤونها ويعدونها من آراء حشوية الشرق فما زالوا على ذلك حتى صرح فلاسفة الغرب بذلك. ومما ينبغي أن تحثوا عليه تعلم صنعة ما أي صنعة كانت ولا يكون أحد خاليا عنها ويجعل هذا مبدأ جديدا لهذا العصر والتعويل على الرياضة الجسمانية".