عقب السعي بين الصفا والمروة قياسا على الطواف. وكذا تركه - صلى الله عليه وآله وسلم- مع قيام المقتضى فيكون تركه سنة وفعله بدعة مذمومة". والنقول على هذا الأصل- وهو الاستدلال بتركه- كثيرة والأدلة فيه ثابتة واضحة وقد اعتنى ببسطة الأستاذ (محمد أحمد العدوي) حفظه الله في كتابه (أصول في البدع والسنن) بسطا كافيا لمن هدَاه الله (١).
(عبد الحميد بن باديس)
-٣ -
الاستدلال بترك النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أصل عظيم في الدين. والعمل النبوي دائر بين الفعل والترك، ولهذا تكلم علماء الأصول على تركه كما تكلموا على فعله. وقد ذكرنا جملة من كلامهم فيما قدمنا، غير أن تقرير هذا الأصل الذي يهدم بدعا كثيرة من فصل ما تركه النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- مما يتأكدُ مزيد تثبيته وبيانه. إذ بالغفلة عنه ارتكبت بدع وزيدت زيادات ليست مما زيدت عليه في شيء. وحسبك أن مثل هذا العالم يقرر في ذيل فتواه أن "السكوت ترك فلا يدل على استحباب السكوت ولا على كراهة ضده" فالترك إذاً ليس دليلاً شرعياً، ولهذا أردنا أن نعود إلى بيان هذا الأصل ونقل كلام أئمة الأصول والنظر فيه.
قال الإمام الشاطبي في آخر الجزء الثاني من كتاب الموافقات:
"والجهة الرابعة مما يعرف به مقصد الشارع السكوت عن شرع
(١) البصائر: س١ العدد ٢٥ الجزائر يوم الجمعة ٦ ربيع الثاني ١٣٥٥هـ الموافق ليوم ٢٦ جوان ١٩٣٦م الصفحة ٢ العمود ١ - ٢ و١ - ٢ من الصفحة٣.