للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُحبه "لا يفعل ليس هذا مما مضى من أمر الناس" وإن كان السجود في نفسه عبادة، ثم قال أبو إسحاق الشاطبي في آخر الفصل المذكور "وعلى هذا النحو جرى بعضهم في تحريم نكاح المحلل وأنها بدعة منكرة من حيث وجد في زمانه عليه السلام المعنى المقتضي للتخفيف والترخيص للزوجين بإجازة التحليل ليرجعهما كما كانا أول مرة، لما لم يشرع ذلك مع حرص امرأة رفاعة على رجوعا إليه دل على أن التحليل ليس بمشروع لها ولا لغيرها. وهو أصل صحيح إذا اعتبر وصح به الفرق بين ما هو من البدع وما ليس منها. ودل على أن وجود المعنى المقتضى مع عدم التشريع دليل على قصد الشارع إلى عدم الزيادة ما كان موجودا قبل فاذا زاد الزائد ظهر أنه مخالف لقصد الشارع فبطل.

وقد قرر هذا الأصل الإمام ابن القيم في آخر الجزء الثامن من كتاب إعلام الموقعين عندما تكلم على ما ورد من السنن الثابتة من دون معأرض. وطبق هذا الأصل على مسألتنا شيخنا الشيخ بخيت الحنفي مفتي الديار المصرية رحمه الله في كتابه (أحسن الكلام) فقال: "وأما رفع صوت المشيعين للجنازة بنحو قرآن أو ذكر أو قصيدة بردة أو يمانية فهو مكروه لا سيما على الوجه الذي يفعل في هذا الزمان ولم يكن شيء منه موجودا في زمن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ولا في زمن الصحابة والتابعين وغيرهم من السلف الصالح. بلهو مما تركه النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- مع قيام المقتضى لفعله فيكون تركه سنة، وفعله بدعة مذمومة شرعا كما هو الحكم في كل ما تركه النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- مع قيام المقتضى لفعله" وقال أيضا: "وأما ما يفعل في زماننا أمام الجنائز من الأغاني ورفع الصوت بالبردة واليمانية على الوجه الذي يفعل في هذا الزمان والمشي بالمباخر فلا يقول بجوازه أحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>