علمت، وقد رأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما.
فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني بمكان الأب والعمّ.
فقالا: ويحك يا زيد، أتختار العبوديّة على الحرية، وعلى أبيك وعمّك وأهل بيتك؟
قال: نعم، إني قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا.
فلما رأى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ذلك أخرجه إلى الحجر، فقال: «اشهدوا أنّ زيدا ابني، يرثني وأرثه» ، فلما رأى ذلك أبوه وعمّه طابت أنفسهما، وانصرفا، فدعي زيد بن محمد حتى جاء اللَّه بالإسلام.
وقد ذكر ابن إسحاق قصّة مجيء حارثة والد زيد في طلبه بنحوه.
وقال ابن الكلبيّ، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس: لما تبنّى النّبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم زيدا زوّجه زينب بنت جحش، وهي بنت عمته أميمة بنت عبد المطّلب، وزوّجه النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم قبل ذلك مولاته أم أيمن، فولدت له أسامة، ثم لما طلق زينب زوّجه أم كلثوم بنت عقبة، وأمها أروى بنت كريز، وأمها البيضاء بنت عبد المطّلب، فولدت له زيد بن زيد، ورقية، ثم طلق أم كلثوم، وتزوّج درة بنت أبي لهب بن عبد المطلب، ثم طلقها وتزوّج هند بنت العوام أخت الزبير.
وقال ابن عمر: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمّد حتى نزلت: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ [الأحزاب: ٥] .. الحديث. أخرجه البخاريّ.
ويقال: إن النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم سمّاه زيدا لمحبة قريش في هذا الاسم، وهو اسم قصي وقد تقدم ذكر مجيء أبيه إلى مكّة في طلب فدائه في ترجمته.
وقال عبد الرّزّاق، عن معمر، عن الزهريّ، قال: ما نعلم أن أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة. قال عبد الرزّاق: لم يذكره غير الزهريّ.
قلت: قد ذكر الواقديّ بإسناد له عن سليمان بن يسار جازما بذلك. وقاله زائدة أيضا.
وشهد زيد بن حارثة بدرا وما بعدها، وقتل في غزوة مؤتة، وهو أمير، واستخلفه النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم في بعض أسفاره إلى المدينة.
وعن البراء بن عازب أنّ زيد بن حارثة قال: يا رسول اللَّه، آخيت بيني وبين حمزة.
أخرجه أبو يعلى.
وعن عائشة: ما بعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم زيد بن حارثة في سرية إلا