للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى أبي بكر. فقالوا: ما شأن عمر يخرج وأنت محتاج إليه، ومالك عزلت خالدا وقد كفاك؟ قال: فما أصنع؟ قالوا: تعزم على عمر فيقيم، وتكتب إلى خالد فيقيم على عمله ففعل.

فلما قبل عمر كتب إلى خالد ألّا تعطي شاة ولا بعيرا إلا بأمري. فكتب إليه خالد بمثل ما كتب إلى أبي بكر، فقال عمر: ما صدقت اللَّه إن كنت أشرت على أبي بكر بأمر فلم أنفذه فعزله.

ثم كان يدعوه إلى أن يعمل فيأبى إلا أن يخلّيه يفعل ما يشاء فيأبى عمر.

قال مالك: وكان عمر يشبه خالدا، فذكر القصّة التي ستأتي في ترجمة علقمة بن علاثة.

قال الزّبير: ولما حضرت خالدا الوفاة أوصى إلى عمر فتولى عمر وصيته، وسمع راجزا يذكر خالدا. فقال رحم اللَّه خالدا فقال له طليحة بن عبيد اللَّه:

لا أعرفنّك بعد الموت تندبني ... وفي حياتي ما زوّدتني زادي

فقال عمر: إني ما عتبت على خالد إلا في تقدمه، وما كان يصنع في المال.

مات خالد بن الوليد بمدينة حمص سنة إحدى وعشرين، وقيل: توفّي بالمدينة النبويّة وقال ابن المبارك، في كتاب الجهاد، عن حماد بن زيد: حدّثنا عبد اللَّه بن المختار، عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل- ثم شك حماد في أبي وائل قال: لما حضرت خالدا الوفاة قال: لقد طلبت القتل مظانّة، فلم يقدّر لي إلا أن أموت على فراشي، وما من عملي شيء أرجى عندي بعد أن لا إله إلا اللَّه من ليلة بتّها وأنا متترّس والسماء تهلّني تمطر إلى صبح، حتى نغير على الكفّار، ثم قال: إذا أنا متّ فانظروا في سلاحي وفرسي فاجعلوه عدّة في سبيل اللَّه.

فلما توفي خرج عمر إلى جنازته. فقال: ما على نساء آل الوليد أن يسفحن على خالد دموعهنّ ما لم يكن نقعا أو لقلقة.

قلت: فهذا يدل على أنه مات بالمدينة. وسيأتي في ترجمة أمه لبابة الصغرى بنت الحارث ما يشيده، ولكن الأكثر على أنه مات بحمص واللَّه أعلم.

٢٢٠٧- خالد بن الوليد الأنصاريّ «١»

: ذكره ابن الكلبي وغيره فيمن شهد صفين من


(١) أسد الغابة ت [١٣٩٨] ، الاستيعاب ت [٦٢٢] .

<<  <  ج: ص:  >  >>