وهذا قد يخالف قول من قال: إنه شهد العقبة، وقد جزم بذلك عروة وموسى بن عقبة، وذكروه كلهم فيمن شهد بدرا،
وقال النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم: «لصوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة.
أخرجه أحمد مرسلا.» «١»
واختلف في وفاته: فقال الواقديّ- وتبعه ابن نمير، ويحيى بن بكير، وغير واحد:
مات سنة أربع وثلاثين وصلى عليه عثمان، وقيل قبلها بسنتين.
وقال أبو زرعة الدّمشقيّ: عاش بعد النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم أربعين سنة، وكأنه أخذه من رواية شعبة عن ثابت، عن أنس، قال: كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم من أجل الغزو، فصام بعده أربعين سنة لا يفطر إلا يوم أضحى أو فطر.
قلت: فعلى هذا يكون موته سنة خمسين أو سنة إحدى وخمسين. وبه جزم المدائني.
ويؤيده ما أخرجه في «الموطأ» ، وصحّحه الترمذيّ، من رواية عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة أنه دخل على أبي طلحة ... فذكر الحديث في التّصاوير، وعبيد اللَّه لم يدرك عثمان ولا عليّا. فدلّ على تأخر وفاة أبي طلحة.
وقال ثابت، عن أنس أيضا: مات أبو طلحة غازيا في البحر، فما وجدوا جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد سبعة أيام ولم يتغيّر.
أخرجه الفسوي في «تاريخه» ، وأبو يعلى، وإسناده صحيح.
روى أبو طلحة عن النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم. روى عنه ربيبه أنس، وابن عبّاس، وأبو الحباب سعيد بن يسار، وغيرهم.
وروى مسلم وغيره من طريق ابن سيرين عن أنس أنّ النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم لما حلق شعره بمنى فرّق شقّه الأيمن على أصحابه: الشعرة، والشعرتين، وأعطى أبا طلحة الشقّ الأيسر كلّه.
وفي الصّحيحين عن أنس، لما نزلت: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل
(١) أخرجه أحمد في المسند ٣/ ١١٢، وأبو نعيم في الحلية ٧/ ٣٠٩ قال أبو نعيم مشهور من حديث ابن عيينة تفرد به عنه علي بن زيد بن جدعان. وأبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣/ ٢٢٤. وابن سعد في الطبقات الكبرى ٣: ٤: ٦٢. وأورده الهيثمي في الزوائد ٩/ ٣١٥ عن أنس وقال رواه أحمد وأبو يعلى ورجال الرواية الأولى رجال الصحيح.