قال الدّارقطنيّ وابن حبّان: له صحبة، وذكره العسكريّ في المخضرمين، واختلف في اسم أبيه، فقيل: سوادة وقيل ديسم، ويقال إنه عامريّ، ويقال إنه قدم الشّام تاجرا في الجاهليّة.
روى يعقوب بن شيبة، من طريق عبد اللَّه الحمراني، قال: كنت أجلس إلى قوم من ولد السعر بن سوادة فحدّثوني أنه قال: كنت عسيفا لعقيلة من عقائل العرب، فقدمت الشّام، فدخلت مكّة، فرأيت رجلا أزهر اللون بين يديه جزائر تنحر، وإذا قائل يقول: يا وفد اللَّه، لهمّوا إلى الغداء، قال: وقد كنّا خبّرنا بالشام أن نبيّا سيبعث بالحجاز وقد طلعت نجومه، فتقدمت إليه، وقلت: السّلام عليك يا نبي اللَّه، فقال:«مه» ، وكأن قد، فقلت لرجل: من هذا؟ قال: هذا أبو نضلة هاشم بن عبد مناف. قال: قلت: هذا واللَّه المجد، لا مجد بني حنيفة.
وأخرج الخطيب في المؤتلف هذه القصّة مطوّلة، من طريق إسحاق بن محمد النخعيّ، حدّثنا العلاء بن أبي سويّة المنقري، أخبرني أبو الخشناء عباد بن أبي كسيب، عن أبي عتوارة الخفاجي، عن سعد بن سوادة العامريّ، قال: كنت عسيفا ... فذكر نحو هذه القصّة مطوّلا، وفيها: فإذا رجل قائم على نشز من الأرض ينادي: يا وفد اللَّه الغداء، وآخر على مدرجة الطريق ينادي: ألا من طعم فليرح للعشاء، وفيه: إنه لما قال له: السلام عليك يا نبيّ اللَّه. قال: لست به، وكأن قد، ولتبشرنّ به. ويغلب على ظني أن العامريّ صاحب هذه القصّة مع هاشم بن عبد مناف والد جدّ النّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم غير الدئلي الّذي أخرج له أبو داود والنّسائي أنّ مصدّقي النّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم أتياه يطلبان منه الصّدقة، لأن قصّة العامريّ تقتضي أنه عمّر عمرا طويلا جدا، لبعد عهد هاشم من زمان بعث السّعاة في طلب الصّدقة، ولأن داعية المذكور كانت متوفرة على تعرّف خبر النّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، ويبعد أن يبعث والمذكور في أرض الحجاز، ثم لا يسمع به إلا بعد نحو عشرين سنة.
وفي رواية أبي عتوارة عنه ما يدل على أنه عاش بعد النّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، لأن أبا عتوارة تابعيّ، وعدّ هذا العامريّ في الصّحابة أقرب من عدّ الدئلي. واللَّه أعلم.
وقد روى أبو داود والنسائيّ من طريق مسلم بن ثفنة عنه أنّ رجلين أتياه من عند النّبي صلّى اللَّه عليه وسلم في طلب الصّدقة ... الحديث.
ووقع في سنن أبي داود ما يدلّ على أنه عاش إلى خلافة معاوية. ووقع عند أبي عمر أنه سعر بن شعبة بن كنانة، قال ابن الأثير: وفيه أوهام، لأنّ شعبة إنما هو والد مسلم الرّاوي