للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أن يقضي حاجتنا، فخرجنا من عنده وأنا آخذ بيد ابن عباس، فمررنا على أولئك الذين كانوا عذروا وضعفوا فقلت: كان عبد اللَّه أولاكم به «١» . قالوا: أجل. فقلت أمدحه «٢» :

إذا قال لم يترك مقالا لقائل ... بملتقطات لا ترى بينها فصلا

كفى وشفى ما في الصّدور ولم يدع ... لذي إربة في القول جدّا ولا هزلا

سموت إلى العليا بغير مشقّة ... فنلت ذراها لا دنيّا ولا وغلا

[الطويل] [وروى الزّبير بن بكّار بسند له إلى حسان بن ثابت بدت لنا حاجة إلى الأمير وكان أمرا صعبا فمشينا إليه برجال من قريش، فاعتذر فعذروه إلا ابن عباس، فو اللَّه ما وجد بدا من قضاء حاجتنا، قال: فجئنا المسجد والقوم في أنديتهم، قال حسان فصحت صيحة أسمعهم وأنشأ يقول:

إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه ... رأيت له في كل مجمعه فضلا

إذا قال لم يترك مقالا لقائل ... بملتقطات لا ترى بينها فصلا

الأبيات....] «٣» .

قال ابن يونس: غزا إفريقية مع عبد اللَّه بن سعد سنة سبع وعشرين.

وقال ابن مندة: كان أبيض طويلا مشربا صفرة جسيما وسيما صبيح الوجه له وفرة يخضب بالحنّاء.

وقال محمد بن عثمان بن أبي خيثمة في تاريخه «٤» : حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق: رأيت ابن عباس رجلا جسيما قد شاب مقدم رأسه وله جمّة.


(١) في أ: أولاكم بها.
(٢) الأبيات في ديوان حسان ٢٤٦. قال الأثرم: حدثني جماعة أصحابنا أن حسان بن ثابت مشى بعبد اللَّه بن عباس بن عبد المطلب في تفرقة المهاجرين إلى عمر بن الخطاب، فاعتذر إليهم عمر، فقبلوا عذره، وجثا ابن عباس على ركبتيه فجعل يقول: إن من حق الأنصار كذا ثم كذا ولحسان حق بكذا أو كذا، فلم يزل به حتى قضى حاجته، فخرج حسان آخذا بيد عبد اللَّه يطوف به على حلق المهاجرين في المسجد ويقول: هو واللَّه كان أولاهم بها، إنها واللَّه، إنها واللَّه صبابة النبوة ووراثة أحمد صلى اللَّه عليه وسلّم وقالوا: أجل فأجمل يا بن الفريعة فقال يمدح عبد اللَّه بن عباس بهذه الأبيات. وتنظر الأبيات في الاستيعاب ترجمة رقم (١٦٠٦) .
(٣) سقط في ط.
(٤) في أ: شيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>