ومن مناقبه أنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم أمّره كما تقدم.
وأخرج أحمد من حديث طلحة أحد العشرة- رفعه: عمرو بن العاص من صالحي قريش، ورجال سنده ثقات، إلا أنّ فيه انقطاعا بين أبي مليكة وطلحة.
وأخرجه البغويّ، وأبو يعلى، من هذا الوجه، وزاد: نعم أهل البيت عبد اللَّه، وأبو عبد اللَّه، وأم عبد اللَّه.
وأخرجه ابن سعد بسند رجاله ثقات إلى ابن أبي مليكة مرسلا لم يذكر طلحة، وزاد- يعني عبد اللَّه بن عمرو بن العاص.
وأخرج أحمد بسند حسن عن عمرو بن العاص، قال: بعث إليّ النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم فقال: خذ عليك ثيابك وسلاحك» ، ثم ائتني. فأتيته، فقال:«إنّي أريد أن أبعثك على جيش فيسلّمك اللَّه ويغنمك، وأرغب لك من المال رغبة صالحة» . فقلت: يا رسول اللَّه، ما أسلمت من أجل المال، بل أسلمت رغبة في الإسلام. قال:«يا عمرو، نعمّا بالمال الصّالح المرء الصّالح»«١» .
وأخرج أحمد، والنّسائيّ، بسند حسن، عن عمرو بن العاص، قال: فزع أهل المدينة فزعا فتفرقوا، فنظرت إلى سالم مولى أبي حذيفة في المسجد عليه سيف مختفيا، ففعلت مثله، فخطب النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم فقال:«ألا يكون فزعكم إلى اللَّه ورسوله، ألا فعلتم كما فعل هذان الرّجلان المؤمنان» .
وولي عمرو إمرة مصر في زمن عمر بن الخطاب، وهو الّذي افتتحها، وأبقاه عثمان قليلا ثم عزله، وولّى عبد اللَّه بن أبي سرح، وكان أخا عثمان من الرضاعة، فآل أمر عثمان بسبب ذلك إلى ما اشتهر، ثم لم يزل عمرو بغير إمرة إلى أن كانت الفتنة بين عليّ ومعاوية، فلحق بمعاوية، فكان معه يدبّر أمره في الحرب إلى أن جرى أمر الحكمين، ثم سار في جيش جهّزه معاوية إلى مصر، فوليها لمعاوية من صفر سنة ثمان وثلاثين إلى أن مات سنة ثلاث وأربعين على الصحيح الّذي جزم به ابن يونس وغيره من المتقنين، وقيل قبلها بسنة، وقيل بعدها، ثم اختلفوا فقيل بستّ، وقيل بثمان، وقيل بأكثر من ذلك، قال يحيى بن بكير: عاش نحو تسعين سنة. وذكر ابن البرقي، عن يحيى بن بكير، عن الليث: توفّي وهو ابن تسعين سنة.
قلت: قد عاش بعد عمر عشرين سنة. وقال العجليّ: عاش تسعا وتسعين سنة. وكان
(١) أخرجه أحمد ٤/ ١٩٧ والبخاري في الأدب (٢٩٩) والحافظ ذكره في الفتح ٨/ ٧٥.