للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، فذكر نحو هذه القصة، وفيها: فلما كان يوم الفتح أسلم أنس بن زنيم، وهو القائل من أبيات:

تعلّم رسول اللَّه أنّك مدركي ... وأنّ وعيدا منك كالأخذ باليد

[الطويل] وأخرجه ابن سعد، عن محمد بن عمر، حدثني حرام بن هشام بن خالد، عن أبيه نحوها، وفيها: فقال نوفل: أنت أولى بالعفو، ومن منا لم يؤذك ولم يعادك، وكنا في الجاهلية لا ندري ما نأخذ وما ندع، حتى هدانا اللَّه بك، وأنقذنا من الهلكة؟ فقال: قد عفوت عنه فقال: فداك أبي وأمي، وأول القصيدة يقول فيها:

فما حملت من ناقة فوق رحلها ... أبرّ وأوفى ذمّة من محمّد [ (١) ]

ويقول فيها:

ونبّي رسول اللَّه أن قد هجوته ... فلا رفّعت سوطي إليّ إذا يدي

فإنّي لا عرضا خرقت ولا دما ... هرقت فذكّر عالم الحقّ واقصد

سوى أنّني قد قلت يا ويح فتية ... أصيبوا بنحس يوم طلق وأسعد

أصابهم من لم يكن لدمائهم ... كفيئا فعزت غيرتي وتلدّدي

ذؤيبا وكلثوما وسلما وساعدا ... جميعا فإلّا تدمع العين تكمد

على أنّ سلما ليس فيهم كمثله ... وإخوته وهل ملوك كأعبد

[الطويل] وفي هذه القصيدة قوله:

فما حملت من ناقة فوق رحلها ... أعفّ وأوفى ذمّة من محمّد

قال دعبل بن عليّ في «طبقات الشّعراء» : هذا أصدق بيت قالته العرب.

قلت: ولأنس بن زنيم مع عبيد اللَّه بن زياد أمير العراق أخبار أوردها أبو الفرج الأصبهاني في ترجمة حارثة بن بدر الغداني، منها أنّ عبيد اللَّه بن زياد كان يحرّش بين الشعراء، فأمر حارثة أن يهجو أنس بن زنيم، فقال فيه أبياتا، منها قوله:

وخبّرت عن أنس أنّه ... قليل الأمانة خوّانها

[المتقارب]


[ (١) ] ينظر البيت في الشعر والشعراء ٧١٤، وسيرة ابن هشام ٤/ ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>