للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلم إلى حيّ من أحياء العرب يقال لهم حي ذوي الأضغان بشيء ليقسم في فقرائهم، فكان فيهم شيخ أسن يقال له قيس بن الربيع، فأعطوه شيئا قليلا، فغضب فهجا، ثم جاء إلى النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم معتذرا، فأنشده:

حيّ ذوي الأضغان تسب قلوبهم ... تحيّتك الحسنى وقد يدفع النّغل «١»

فإنّ الّذي يؤذيك منه سماعه ... وإنّ الّذي قالوا وراءك لم يقل «٢»

[الطويل]

قال: فطاب قلب النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم لحسن اعتذاره، وقال له: «يا قيس، لم تقل» وأقبل على أصحابه فقال: «من لم يقبل من متنصّل عذرا صادقا أو كاذبا لم يرد عليّ الحوض» .

قال ابن الأثير: من أغرب ما فيه أنه جعل حي ذوي الأضغان اسم قبيلة، ومعنى البيت ظاهر لا يحتاج إلى شرح.

قلت: هذا القدر هو المذكور من الخبر، وهو قوله: يقال لهم حيّ بني الأضغان، وإنما هذه الجملة من كلام الشيخ ناظم الأبيات، فأمر من وقع منه أمر يوجب أن يحقد عليه أن يسلّم على من يخشى منه ذلك، ويحييه بالتحية الحسنى، يزول ذلك. وأما أصل القصة فمحتمل.

وقد ذكر صاحب الجد والهزل، وهو جعفر بن شاذان- أن عامر بن الأزور أخا ضرار بن الأزور لما قدم على النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم استنشده، فأنشده هذه الأبيات.

وذكر أهل السّير في وفد بن أسد بني خزيمة أنّ حضرمي بن عامر أنشد النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم هذه الأبيات، وبين البيتين المذكورين أولا:

وإن دحسوا «٣» بالكره فاعف تكرّما ... وإن كتموا عنك الحديث فلا تسل

[الطويل] وأنشدها المرزباني للعلاء بن الحضرميّ، وزاد

أنّ النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم قال لما سمعه: «إنّ من البيان لسحرا» .


(١) في أسد الغابة: يدبغ النعل.
(٢) ينظر البيتان في أسد الغابة ترجمة رقم (٤٣٤٦) .
(٣) في أسد الغابة وإن جنحوا، وفي المرزباني: فاعف كريهة ... وإن خنسوا عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>