للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: يا بني، ادع لي النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، فأعظمت ذلك، وقلت: أدعو لك رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، فقال: يا بنيّ، إنه ليس بجبار، فدعوته فخرج وعليه قباء من ديباج مزوّر «١» بالذّهب، فقال: يا مخرمة، هذا خبأناه لك، فأعطاه إياه.

وللحديث طرق عن ابن أبي مليكة، وفي بعضها أنه قال للنبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم: ما كنت أرى أن تقسم في قريش قسما فتخطئني.

وعند البغويّ وأبي يعلى من طريق صالح بن حاتم بن وردان، عن أبيه، عن أيوب، عن ابن أبي ملكية نحو الأول، وزاد: قلت لحاتم: ولم فعل ذلك؟ قال: كان يتّقي لسانه.

قال الزّبير بن بكّار: حدّثني مصعب بن عثمان وغيره أنّ المسور بن مخرمة مرّ بأبيه وهو يخاصم رجلا، فقال له: يا أبا صفوان، أنصف الناس، فقال: من هذا، قال: من ينصحك ولا يغشك، قال: مسور؟ قال: نعم، فضرب بيده في ثوبه، وقالت: اذهب بنا إلى مكّة أريك بيت أمي، وتريني بيت أمّك، فقال: يغفر اللَّه لك، يا أبت، شرفي شرفك، وكانت أم المسور عاتكة بنت عوف أخت عبد الرحمن.

وبه قال: لما حضرت مخرمة الوفاة بكته بنته، فقالت: وا أبتاه! كان هينا لينا، فأفاق فقال: من النّادبة؟ قالوا: ابنتك. قال: تعالى، ما هكذا يندب مثلي، قولي: وا أبتاه، كان شهما شيظميّا، كان أبيّا عصيّا.

قال الزّبير: وحدثني عبد الرحمن بن عبد أن الزهريّ قال: قال معاوية: من لي بمخرمة بن نوفل ما يضعني من لسانه تنقّصا، فقال له عبد الرّحمن بن الأزهر: أنا أكفيكه يا أمير المؤمنين. فبلغ لذلك مخرمة. فقال: جعلني عبد الرحمن يتيما في حجره، يزعم لمعاوية أنه يكفيه إياي! فقال له ابن برصاء الليثي: إنه عبد الرحمن بن الأزهر، فرفع عصا في يده فشجّه، وقال: أعداؤنا في الجاهليّة وحسّادنا في الإسلام!

وأخرج البغويّ من طريق حماد بن زيد، عن أيّوب، عن ابن أبي مليكة، قال: قال النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم لمخرمة بن نوفل: «يا أبا المسور» .

قال ابن سعد وخليفة وابن البرقي، وآخرون: مات سنة أربع وخمسين، وقال الواقديّ: مات سنة خمس وخمسين، قالوا: وعاش مائة وخمس عشرة سنة، وكان أعمى، وله قصة تذكر في ترجمة النعيمان.


(١) التزوير: التزويق والتحسين، وزورت الشيء: حسنته وقومته. اللسان ٣/ ١٨٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>