للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجارتكم «١» إلى الشام؟ فأنقذه منهم ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه، فأكبّ العباس عليه.

وعند مسلم من طريق عبد اللَّه بن الصامت عن أبي ذرّ في قصة إسلامه: وفي أوله: صليت قبل أن يبعث النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم حيث وجّهني اللَّه، وكنا نزلا مع أمّنا على خال لنا، فأتاه رجل، فقال له: إن أنيسا يخلفك في أهلك، فبلغ أخي، فقال: واللَّه لا أساكنك، فارتحلنا، فانطلق أخي، فأتى مكة، ثم قال لي: أتيت مكة فرأيت رجلا يسمّيه الناس الصابئ هو أشبه الناس بك. قال: فأتيت مكة فرأيت رجلا، فقلت: أين الصابئ؟ فرفع صوته عليّ فقال:

صابئ صابئ! فرماني الناس حتى كأني نصب «٢» أحمر، فاختبأت بين الكعبة وبين أستارها، ولبثت فيها بين خمس عشرة من يوم وليلة ما لي طعام ولا شراب إلا ماء زمزم، قال: ولقينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم وأبو بكر وقد دخلا المسجد، فو اللَّه إنّي لأوّل الناس حيّاه بتحية الإسلام، فقلت: السلام عليك يا رسول اللَّه. فقال: «وعليك السّلام ورحمة اللَّه. من أنت؟» فقلت: رجل من بني غفار، فقال صاحبه: ائذن لي يا رسول اللَّه في ضيافته الليلة، فانطلق بي إلى دار في أسفل مكة، فقبض لي قبضات من زبيب، قال: فقدمت على أخي فأخبرته أني أسلمت، قال: فإنّي على دينك، فانطلقنا إلى أمنا فقالت: فإنّي على دينكما. قال:

وأتيت قومي فدعوتهم. فتبعني بعضهم.

وروينا في قصة إسلامه خبرا ثالثا تقدمت الإشارة إليه في ترجمة أخيه أنيس، ويقال:

إن إسلامه كان بعد أربعة، وانصرف إلى بلاد قومه، فأقام بها حتى قدم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم المدينة، ومضت بدر وأحد، ولم تتهيأ له الهجرة إلا بعد ذلك، وكان طويلا أسمر اللون نحيفا.

وقال أبو قلابة، عن رجل من بني عامر: دخلت مسجد مني فإذا شيخ معروق آدم، عليه حلّة قطري «٣» ، فعرفت أنه أبو ذر بالنعت.

وفي مسند يعقوب بن شيبة، من رواية سلمة بن الأكوع- أنّ أبا ذر كان طويلا.

وأخرج الطّبرانيّ من حديث أبي الدرداء قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يبتدئ أبا ذر إذا حضر، ويتفقده إذا غاب.


(١) في أتجاركم.
(٢) النصب: هي الآلهة التي كانت تعبد من الأحجار اللسان ٦/ ٤٤٣٥.
(٣) هو ضرب من البرود فيه حمرة، ولها أعلام فيها بعض الخشونة، وقيل: هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين، وقال الأزهريّ: في أعراض البحرين قرية يقال لها: مطر، وأحسب الثياب القطرية نسبت إليها فكسروا القاف للنسبة وخففوا. النهاية ٤/ ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>