للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم سمعناه منه، ولكن لم يكن يكذب بعضنا بعضا» [ (١) ] . رواه الطّبرانيّ في «الكبير» ، ورجاله رجال الصحيح.

وعن البراء قال: «ما كلّ الحديث سمعناه من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم كان يحدّثنا أصحابه عنه، كانت تشغلنا عنه رعية الإبل» [ (٢) ] .

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه الحاكم أيضا في «المستدرك» بلفظ: «ليس كلّنا سمع حديث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم كانت لنا ضيعة وأشغال، ولكن الناس كانوا لا يكذبون يومئذ، ويحدث الشّاهد الغائب» [ (٣) ] .

قال الحاكم: صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه، وأقرّه الذّهبيّ.

ولا ينبغي أن يعدّ حذف الصّحابي الّذي سمع الحديث، ولقنهم إياه من قبيل التّدليس، إذ الصحابة كلهم عدول بإجماع أهل الحق، وخلاف العلماء في الاحتجاج بالمرسل إنما كان للجهل بحال المحذوف، وذلك لا يتأتّى ها هنا، ولذلك يقول ابن الصّلاح في «مقدّمته» :

«مرسل الصّحابي مثل ما يرويه ابن عباس وغيره من أحداث الصحابة عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ولم يسمعوه منه في حكم الموصول المسند، لأن روايتهم عن الصّحابة، والجهالة بالصحابي غير قادحة، لأن الصحابة كلهم عدول» أ. هـ.

وقال السّيوطيّ في «التّدريب» : «أمّا مرسل الصّحابي وإخباره عن شيء فعله النّبي صلّى اللَّه عليه وسلم أو قاله مما يعلم أنه لم يحضره لصغر سنه أو تأخر إسلامه فمحكوم بصحته على المذهب الصّحيح الّذي قطع به الجمهور أصحابنا وغيرهم، وأطبق المحدثون المشترطون للصّحيح القائلون بضعف المرسل، وفي «الصّحيحين» من ذلك ما لا يحصى، لأن أكثر روايتهم عن الصّحابة، وكلهم عدول رواياتهم عن غيرهم نادرة، وإذ رووها بيّنوها، بل أكثر ما رواه الصّحابة عن التّابعين ليس أحاديث مرفوعة بل إسرائيليّات أو حكايات أو موقوفات» .

ومن ذلك كلّه يتبيّن أنه لا كذب من أبي هريرة، إذ إنه لم يقل في هذا الضّرب من الحديث: «سمعت رسول اللَّه يقول كذا، أو رأيته يفعل كذا» ، بل كان يقول: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم كذا، أو فعل كذا، وما شابه ذلك، كما أنه لا تدليس منه أيضا، لأن الرّاوي المحذوف من الصّحابة والإجماع قائم على عدالتهم.


[ (١) ] ذكره الهيثمي في الزوائد ١/ ١٥٦.
[ (٢) ] ذكره الهيثمي في الزوائد ١/ ١٥٧.
[ (٣) ] أخرجه الحاكم في المستدرك ١/ ١٢٧ عن البراء بن عازب.

<<  <  ج: ص:  >  >>