للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسند أبي هريرة في ذلك أحاديث رواها عن النّبي صلّى اللَّه عليه وسلم منها:

١-

«إذا لم تحلّوا حراما ولم تحرّموا حلالا، وأصبتم المعنى فلا بأس»

[ (١) ] .

٢-

«إذا حدّثتم عنّي بحديث يوافق الحقّ فخذوا به حدّثت به أو لم أحدّث»

[ (٢) ] .

٣-

«ما بلغكم عنّي من قول حسن لم أقله فأنا قلته» .

والجواب عن ذلك: أن كثرة أحاديث أبي هريرة مع تأخّر إسلامه لا ترجع إلى ما زعموه، وإنّما ترجع إلى انقطاعه عن الدّنيا إلى مجالسه صلّى اللَّه عليه وسلم وملازمته إياه سفرا وحضرا، وإلى دعاء النبي صلّى اللَّه عليه وسلم له ألّا ينسى شيئا من حديثه، وإلى أنه عاش بعد وفاته صلّى اللَّه عليه وسلم نحوا من خمسين عاما يأخذ عن الصحابة ما فاته من الأحاديث ثم يرويها للناس.

وأما زعمهم أنه استجاز لنفسه أن يكذب على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في غير الحلال والحرام فباطل من وجوه:

١- أن أبا هريرة من رواة حديث:

«من كذب عليّ متعمّدا فليتبوَّأ مقعده من النّار» ،

وثبت عنه أنه كان يذكره بين يدي ما يريد أن يرويه عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في كثير من مجالسه.

٢- وأن الصّحابة قد أقرّوه على رواية الأحاديث، ورووها عنه، ومن هؤلاء: عمر، وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزّبير، وزيد بن ثابت، وأبو أيّوب الأنصاري، وابن عباس، وعائشة، وجابر، وعبد اللَّه بن عمر، وأبي بن كعب وأبو موسى الأشعريّ [ (٣) ] ، وهذا إجماع منهم على صدقه وأمانته.

٣- وأنّ الأحاديث التي رواها أبو هريرة وجد أكثرها عند غيره من الصّحابة.

وأما الأحاديث التي نسبوها إلى أبي هريرة فنجيب عنها بما يلي:

١- الحديث الأول في الرّواية بالمعنى لا فيما زعموه من إباحة الكذب عليه صلّى اللَّه عليه وسلم ولم يروه أبو هريرة بل رواه غيره.

روى الحافظ الهيثميّ عن يعقوب بن عبد اللَّه بن سليمان بن أكيمة الليثي عن أبيه عن جدّه قال: أتينا النّبي صلّى اللَّه عليه وسلم فقلنا له: بآبائنا وأمّهاتنا يا رسول اللَّه إنا نسمع منك الحديث، فلا


[ (١) ] أخرجه الطبراني في الكبير ٧/ ١١٧. وذكره الهيثمي في الزوائد ١/ ١٥٧. والهندي في كنز العمال حديث رقم ٢٩٢١٥، ٢٩٤٦٩.
[ (٢) ] ذكره الهيثمي في الزوائد ١/ ١٥٥ وقال رواه البزار وفيه أشعث بن براز ولم أر من ذكره.
[ (٣) ] راجع في ذلك مستدرك الحاكم ٣/ ٥١٣ وتاريخ ابن كثير ٨/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>