للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له الرجل: إي يرحمك اللَّه، ما بقي من أهل زمانك أعلم منك. ثم ولّى فقال لي أبي: أدرك الرجل فردّه علي، قال: فخرجت وأنا انظر إليه. فلما بلغ باب الصّفا مثل فكأنه لم يك شيئا. فأخبرت أبي. فقال: تدري من هذا؟ قلت: لا. قال: هذا الخضر.

وهكذا ذكره الزّبير في «كتاب النّسب» بهذا السّند، وفي روايته: أبيض الرأس واللحية جليل العظام. بعيد ما بين المنكبين. عريض الصدر عليه ثوبان غليظان في هيئة المحرم.

فجلس إلى جنبه فعلم أنه يريد أن يخفّف. فخفف الصلاة فسلم ثم أقبل عليه. فقال له الرجل: يا أبا جعفر.

وأخرج ابن عساكر من طريق إبراهيم بن عبد اللَّه بن المغيرة، عن أبيه: حدّثني أبي أنّ قوّام المسجد قالوا للوليد بن عبد الملك: إنّ الخضر كلّ ليلة يصلّي في المسجد.

وقال إسحاق بن إبراهيم الجبليّ في كتاب «الدّيباج» له: حدثنا عثمان بن سعيد الأنطاكيّ، حدّثنا علي بن الهيثم المصّيصي، عن عبد الحميد بن بحر، عن سلام الطويل، عن داود بن يحيى مولى عون الطّفاوي، عن رجل كان مرابطا في بيت المقدس وبعسقلان، قال: بينا أنا أسير في وادي الأردنّ إذا أنا برجل في ناحية الوادي قائم يصلي، فإذا سحابة تظلّه من الشمس، فوقع في قلبي أنه إلياس النبي، فأتيته فسلمت عليه، فانفتل من صلاته فردّ عليّ السلام، فقلت له من أنت يرحمك اللَّه؟ فلم يرد عليّ شيئا، فأعدت عليه القول مرّتين.

فقال: أنا إلياس النبيّ فأخذتني رعدة شديدة خشيت على عقلي أن يذهب. فقلت له:

إن رأيت يرحمك اللَّه أن تدعو لي أن يذهب اللَّه عني ما أجد حتى أفهم حديثك. قال: فدعا لي بثمان دعوات. فقال: يا برّ يا رحيم، يا حيّ يا قيّوم، يا حنّان يا منّان. «يا هيا شر» آهيا «١» ، فذهب عني ما كنت أجد فقلت له: إلى من بعثت؟ قال: إلى أهل بعلبكّ قلت: فهل يوحى إليك اليوم؟ فقال: أما بعد بعث محمد خاتم النبيّين فلا. قلت: فكم من الأنبياء في الحياة؟ قال: أربعة، أنا والخضر في الأرض وإدريس وعيسى في السماء. قلت: فهل تلتقي أنت والخضر؟ قال: نعم في كل عام بعرفات. قلت: فما حديثكما؟ قال: يأخذ من شعري وآخذ من شعره، قلت: فكم الأبدال؟ قال: هم ستون رجلا: خمسون ما بين عريش مصر إلى شاطئ الفرات، ورجلان بالمصيصة «٢» ، ورجل بأنطاكيّة «٣» ، وسبعة في سائر الأمصار


(١) هكذا وردت بالأصول.
(٢) المصيصة: بالفتح ثم الكسر والتشديد وياء ساكنة وصاد أخرى وقيل بتخفيف الصادين: وهي مدينة مشهورة على شاطئ جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم وكانت من الأماكن التي يرابط بها المسلمون قديما. انظر: مراصد الاطلاع ٣/ ١٢٨٠.
(٣) أنطاكية: بالفتح ثم السكون والياء مخففة، قال الهيثم بن عدي: أول من بنى أنطاكية انطيخس وهو الملك الثالث بعد الإسكندر وذكر يحيى بن جرير المطيب التكريتي: أن أول من بنى أنطاكية انطيغونيا في السنة السادسة من موت الإسكندر ولم يتمها فأتمها بعده سلوقوس (سلوقس) . انظر معجم البلدان ١/ ٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>