للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧٣/ ١٤ - "أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ البَرَاءِ لَمَّا لَقِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَ يَلْصَقُ بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ويُقَبِّلُ قَدَمَيْه، قَالَ: يَا رَسُولَ الله: مُرْنِى بِمَا أَحْبَبْتَ وَلَا أَعْصِى لَكَ أَمْرًا، فَعَجِبَ لِذَلِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ غُلَامٌ، فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: اذْهَبْ فَاقْتُلْ أَباكَ، فَخَرَجَ مُولِيًا لِيفْعَلَ، فَدَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: أَقْبِلْ فَإِنِّى لَمْ أُبْعَثْ بِقَطِيعَةِ رَحِمٍ، فَمَرِضَ طَلْحَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَتَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ فِى الشِّتاء فِى بَرْدٍ وَغَيْمٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لأَهْلِه: لَا أرَى طَلحَةَ إِلَّا قَدْ حَدَثَ فِيهِ الْمَوْتُ فَأَذِنُونِى بِهِ حَتَّى أَشْهَدهُ، وأُصَلِّىَ عَلَيْهِ. وَعَجِّلُوهُ، فَلَمْ يَبْلُغِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَنِى سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ حَتَّى تُوفِّىَ وَجَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ طَلْحَةُ: ادْفِنُونِى وَألْحِقُونِى برَبِّى عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا تَدْعُوا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّى أَخَافُ عَليْهِ الْيَهُوَدَ أَنْ يُصَابَ فِى سَبَبِى، فَأُخْبِرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَصْبَحَ، فَجَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ، فَصَفَّ النَّاسَ مَعَهُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فقال: اللَّهُمَّ الْقَ طَلْحَةَ تَضْحَكُ إلَيْهِ وَيَضْحَكُ إِلَيْكَ".

طب: عن حصين بن وحوح الأنصارى (١).


= ضرتان: مليكة، وأم عفيف، فرمت إحداهما صاحبتها بحجر فأصابت قبلها، فألقت جنينا ميتًا، وماتت، فرفع ذلك إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فجعل ديتها على قوم القاتلة، وجعل في جنينها غرة عبد، أو أمة، أو عشرين من الإبل، أو مائة شاة. فقال وليها: والله يا نبى الله ما أكل، ولا شرب، ولا صاح فاستهل، فمثل ذلك يطل. فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: "لسنا من أساجيع الجاهلية في شئ".
(١) الأثر ورد في المعجم الكبير للطبرانى، حققه عبد المجيد السلفى، ج ٤ ص ٣٣ رقم ٣٥٥٤ مرويات (حصين بن وحوح الأنصارى) بلفظ: حدثنا موسى بن هارون، ثنا عمر بن زرارة الحدثى، ثنا عيسى بن يونس، عن سعيد بن عثمان البلوى، عن عروة بن سعيد الأنصارى، عن أبيه، عن حصين بن وحوح: أن طلحة بن البراء لما لقى النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله مرنى بما أحببت، ولا أعصى لك أمرًا، فعجب لذلك النبى - صلى الله عليه وسلم -، وهو غلام، فقال له عند ذلك: "اذهب فاقتل أباك" قال: فخرج موليًا ليفعل، فدعاه فقال له: "أقبل فإنى لم أبعث بقطيعة رحم" فمرض طلحة بعد ذلك فأتاه النبى - صلى الله عليه وسلم - يعوده في الشتاء في برد وغيم، فلما انصرف قال لأهله: "لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت، فآذنونى به حتى أشهده وأصلى عليه، وعجلوه فلم يبلغ النبى - صلى الله عليه وسلم - بنى سالم بن عوف حتى توفى وجن عليه الليل فكان فيما قال طلحة: ادفنونى، وألحقونى بربى - عز وجل - ولا تدعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنى أخاف اليهود أن يصاب في سببى، فأخبر النبى - صلى الله عليه وسلم - حين أصبح، فجاء حتى وقف على قبره فصف الناس معه، ثم رفع يديه فقال: "اللهم الق طلحة نضحك إليه، ويضحك إليك".

<<  <  ج: ص:  >  >>