للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَبَسَكَ فَقُلْ: أَهْلى، ثُمَّ إِنَّهُ أَرادَ أَنْ يَتَحَوَّلَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَنَا أَتَحَوَّلُ مَعَكَ، فَتَحَوَّلْتُ مَعَهُ، فَنَزَلْتُ قَرْيَةً، فَكانَت امْرأَةٌ تَأتِيه، فَلَمَّا حَضَرَ، قَالَ لى: يَا سَلْمانُ! احْفُرْ عِنْدَ رَأسِى، فَحَفَرْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَاسْتَخْرَجْتُ جَرَّةً مِنْ دراهَم، فَقَالَ لِى: صُبَّها عَلَى صَدْرى، فَصَبْبتُهَا عَلَى صَدْرِهِ، فَكَانَ يَقُولُ: وَيْلٌ لَاقْتَنَائِى، ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ، فَقُلْتُ للرُّهْبَانِ، مَنْ لِى بِرَجُل عَالِمٍ أَتَّبِعُهُ، فَدَلُّونِى عَلَى رَجُلٍ فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: ما جَاءنِى إِلا طَلَبُ العِلْمِ، قَالَ: فَإِنِّى واللهِ ما أَعْلَمُ اليَوْمَ رَجُلًا أَعْلَم مِنْ رَجُلٍ خَرَجَ بِأَرْضِى يَتِما (تهامة) (*) وَإِنْ تَنْطَلِقْ الآنَ تُوافِقْه وَفيه ثَلَاثُ آياتٍ، يَأكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأكُلُ الصَّدَقَةَ، وَعنْدَ غُضْروفِ كَتِفِهِ اليُمْنَى خَاتَمُ النُّبوَة مِثْل بَيْضَةِ الْحَمَامَة لَوْنُها لَوْنُ جِلْدِهِ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى مَرَرْتُ بِقَوْمٍ مِنَ الأَعرابِ، فاسْتَعْبَدُونِى، فباعُونى حَتَّى اشْتَرَتْنى امْرأَةٌ منَ الْمَدِينَة، فسَمِعْتُهُمْ يَذْكُرون النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَها: هَبى لى يَوْمًا، قالَتْ: نعمَ، فَاحْتَطَبْتُ حَطَبًا، فَبعْتُهُ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ يَسيرًا فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْه، فَقالَ: ما هَذَا؟ قُلْتُ: صَدَقَةٌ، فَقالَ لأصْحابه. كُلُوا وَلَمْ يَأكُلْ، قُلْتُ: هَذَا مِنْ عَلَامَتِهِ، ثُمَّ مَكَثْتُ ما شَاءَ الله أَنْ أَمْكُثَ، ثُمَّ قُلْتُ لِمَوْلَاتِى: هِبِى لى يَوْمًا، قَالَتْ: نَعَمْ، فانطلقت واحْتَطَبْتُ حَطبًا فَبِعْتُهُ بِأكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَصَنَعْتُ طَعَامًا، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ جالِسٌ بَيْنَ أَصْحابِهِ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقالَ: مَا هَذَا؟ قُلْتُ: هَدِيَّةٌ، فَوَضَعَ يَدَهُ فَقالَ لأَصْحَابِهِ: خُذوا بسْمِ اللهِ، وَقُمْتُ خَلْفَهُ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ، فَإِذَا خَاتَمُ النُّبَوَّة، فَقُلْتُ: إِنَّكَ رَسُولُ اللهِ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَحَدَّثْتُهُ عَن الرَّجُلِ، ثُمَّ قُلْتُ: أَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ! فَإِنَّهُ حَدَّثَنِى أَنَّكَ نَبِىٌّ، قالَ: لَن يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسلِمَةٌ".

ش (١).

٣٥٥/ ٢٣ - "عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَة قالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَلْمَان الفَارِسِى فَأَخْرَجَ لِى خُبْزًا وملحًا، فَقالَ لِى: لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهانَا أَنْ يَتَكلَّفَ لأَحَدٍ لَتَكَلَّفتُ لَكَ".


(*) ما بين القوسين من المعجم الكبير الطبرانى ج ٦/ ص ٢٨١/ رقم ٦٠٧٣ بروايات مختلفة الألفاظ بنفس المعنى.
(١) أخرجه ابن أبى شيبة في مصنفه كتاب (المغازى) باب: إسلام سلمان - رضي الله عنه - ج ١٤ ص ٣٢١ - ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>