وَجَعَلَ يَقُولُ لِغُلاَمِهِ يَسَارٍ وَلَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ: وَيْحَكَ انْظُر مَنْ تَرَى؟ قَالَ: هَذَا عُمَيْرُ بْنُ وَهْب، قَالَ صَفْوَانُ: مَا أَصْنَع بِعُمَيْرٍ، وَالله مَا جَاءَ إلَّا يُرِيدُ قَتْلِى، قَدْ ظَاهَرا مُحَمَّدًا عَلَى فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: يَا عُمَيْرُ! مَا كَفَاكَ مَا صَنَعْتَ بِى حَمَّلتَنِى دَيْنَكَ وَعِيَالَكَ، ثُمَّ جئت تُرِيدُ قَتْلِى، قَالَ: أَنَا وَهْبُ جُعلْت فِدَاكَ جئتك مِنْ عِنْد أَبَرِّ النَّاس، وَأَوْصَلِ النَّاسِ، وَقَدْ كَانَ عُمَيْرُ قَالَ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: يَا رَسُولَ الله! سيِّدُ قَوْمِى خَرَجَ هَارِبًا لِيَقْذِفَ نَفْسَهُ في البَحْرِ وَخَافَ ألاَّ تُؤَمَنهُ، فَأَمِّنْهُ فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: قَدْ أَمَّنْتُهُ، فَخَرَجَ في أَثَرِهِ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَمّنَكَ، فَقَالَ صَفْوَانُ: لاَ، وَالله لاَ أَرْجِعُ مَعَكَ حَتَّى تَأتِيَنِى بعَلاَمَة أَعْرِفُهَا، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: خُذْ عِمَامَتِى، فَرَجَعَ عُمَيْرُ إِلَيْه بَهَا وَهُوَ البُرْدُ الَّذَى دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئذ مُعْتَجِرًا بِهِ بُرْدٌ حَبرَه، فَخَرَجَ عُمَيْرٌ في طَلَبَهِ الثَّانيَةَ حَتَّى جَاءَهُ بِالبُرْدِ، فَقَالَ: أَنَا وَهْبٌ جئْتُكَ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ، وَأبرِّ النَّاسِ، وَأَحْلَم النَّاسِ مَجْدُهُ مَجْدُكَ، وَعِزُّهُ عِزُّكَ، وَمُلكُهُ مُلكُكَ، ابْن أُمِّكَ وَأَبِيكَ، أُذَكِّرُكَ الله في نَفْسكَ، قَالَ لَهُ: أَخَافُ أَنْ أُقْتَلَ، قَالَ: قَدْ دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَدْخُل في الإِسْلاَمِ، فَإِنْ سَيَّرَكَ وإلَّا سَيَّرَك شَهْرَيْنِ فَهُوَ أَوْفَى النَّاسِ وَأَبَرَّهُ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ بِبُرْدِهِ الَّذِى دَخَلَ فِيهِ مُعْتَجِرًا فَعَرَفَهُ، قَالَ: نَعَمْ، فَأخْرِجْهُ، فَقَالَ: هُوَ هُوَ فَرَجَعَ صَفْوَانُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِالنَّاسِ العَصْرَ في المَسْجِد قَوْمًا، فَقَالَ صَفْوَانُ: كَمْ يُصَلُّونَ في اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟ قَالَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ، قَالَ: يُصَلِّىَ بِهِمْ مُحَمَّدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا سَلَّمَ صَاح صَفْوَانُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ عُمَيْرَ بْنَ وَهْبٍ جَاءَنِى بِبُرْدِكَ، وَزَعَمَ أَنَّكَ دَعَوْتَنِى إِلَى القُدُوم عَلَيْكَ، فَإِنْ رَضِيتَ أَمْرًا وإلَّا سَيَّرْتَنِى شهْرَيْنِ، قَالَ انْزِلْ أَبَا وَهْبٍ، قَالَ: لاَ وَالله حتَّى يَتَبَيَّن لِى، قَالَ: بَلْ لَكَ تَسِيرُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَنَزَلَ صَفْوَانُ، وَخَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قبْلَ هَوَازِنَ، وَخَرَجَ مَعَهُ صَفْوَانُ وَهُوَ كَافِرٌ، وَأرْسَلَ إِلَيْهِ يَسْتَعِيرُهُ سِلاَحًا فَأَعَارَهُ سِلاَحَهُ مِائَةَ دِرْعٍ بِأَدَاتِهَا، فَقَال صَفْوَانُ: طَوْعًا أَوْ كرْهًا، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: عَارِيَة رَادَّة فَأَعَارَهُ، فَأمَرَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَحَمَلَهَا إِلَى حُنَيْن، فَشَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ، ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute