للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَافْتَح فَلَمَّا حَرَّكَ الْبَابَ بِالْمفْتَاحِ أَقْبَلَا لَهُمَا جَلَبَةٌ كحفِيفِ الرِّيحِ، فَلَمَّا أُفرجَ الْبَاب فَنَظَرَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَرَكَا ثُم سَجَدَا، فَأَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رُءُوسَهُمَا ثُمَّ دَفَعَهُمَا إِلَى صَاحِبهمَا فَقَالَ: اِسْتَعْملهُمَا وَأَحْسِنْ عَلْفَهمَا، فَقَالَ الْقَوْم: يَا نَبِىَّ الله تَسْجُدُ لَكَ الْبَهَائم فَمَا فِيهِ عِنْدَكَ أَحْسَن مِنْ هَذَا، أَجَرْتَنَا مِنَ الضَّلالَةِ، واسْتُنْقَذْتَنَا مِنَ الْهَلَكَةِ أَفَتَأذَنُ بِالسُّجُودِ لَكَ، قَالَ: كَيْفَ كُنْتُم صَانِعِين بِأَخيكُم إِذَا مَاتَ؟ أَتَسْجُدُونَ لِقَبِرِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ الله: نَتَّبِع أَمْرَكَ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ السُّجُودَ لَيْسَ إِلَّا لِلحَىِّ الَّذِى لَا يَمُوتُ، لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا، بالسُّجُودِ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ لأَمَرت الْمَرأة بِالسُّجُودِ لِبَعْلِهَا قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا ثُمَّ جَاءت الْمَرْأَة أُمُّ الْغُلَامِ، فَقَالَت يَا نَبىَّ الله - وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا زَالَ مِنْ غِلْمَانِ الْحَىِّ، وَجَاءت بِسَمْنٍ وَلَبَنٍ وَجَزَرٍ، فَرَدَّ عَلَيهَا السَّمْنَ والْجَزَرَ، وَأَمَرهم بِشُرب اللَّبَنِ".

كر (١).

٥١٤/ ٣ - "عَن حَارِثَة بن مضْرَب، عَنِ الْفرات بن حَيَّان، وَكَانْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر ص ٢٢٣ ج ٢٠ ترجمه ٨٤ غَيْلان بن سَلَمَه بن معتَّب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف الثقفى - بلفظ (وعن غيلان بن سلمة الثقفى قال: خرجنا مع نبى الله - صلى الله عليه وسلم - فرأينا فيه عجبًا، مررنا بأرض فيها أشَاءً متفرق فقال نبى الله - صلى الله عليه وسلم -: يا غيلان ائْتِ هَاتَيْنِ الأَشَاءَ (أ) تَبِين فَمُر إحداهما تَنَضَمُّ إلى صاحبتها حتى اسْتَبتر بهما فأتوضَّأ، قال: فانطلقتُ فقمتُ بينهما فقلت: إن نبى الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر إحداكما أن تنضم إلى صاحبتها، قال: فماذتْ إحداهما ثم انقلَعَتْ تخد في الأرض حتى انضمت إلى صاحبتها فنزل نَبىُّ الله فتوضأ خلفهما ثم ركب وعادَتَ تَخُذ في الأرض إلى موضعها، قال: ثم نزلنا معه منزلا، فأقبلت امرأة بابن لها كأنها الدينار، فقالت: يا نبى الله ما كان في الحى غلامٌ أحبُّ إِلىَّ بابنى هذا، فأصابته الْمُوتَةُ (ب) فأنا اتَمنى مَوْتَهُ، فادع الله له يا نبى الله، قال: فأدناه نبى الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: باسم الله، أنا رسول الله أخْرُجْ عدو الله - ثلاثا - قال: اذهبى بابنك لن تَرَىْ بأسًا إن شاء الله، قال: ثم مضينا منزلنا منزلا، فجاء رجل فقال: يا نبى الله، إنه كان لى حائطٌ منه عيش وعيشُه عيالى، ولى فيه ناضحان فاغتلما ومنعانى أنفسها وحائطى وما فيه، ولا يقَدرُ أحدًا على الدَّنُوِّ منهما، قال: فنهض النبى - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه =
===
(أ) الأشاء: صغار النخل، واحدتها أشاءة. اللسان (أشأ).
(ب) الْمُوتَةُ: جنس من الجنون والصرع يعترى الإنسان. اللسان (موت).
(ج) الناضح: البعير أو الثور أو الحمار الذى يُستقى عليه الماء اللسان (نضح).

<<  <  ج: ص:  >  >>