للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٢٧/ ١٠٣ - "عَنْ أبِى سَعِيدٍ قَالَ: لَما قَسَّمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - السَّبْىَ بالجُعْرَانَة أعْطَى عَطَايَا قُريش وغيرهَا مِن العَرب، وَلَمْ يَكُنْ في الأنْصَارِ مِنْهَا شَىْء، فَكثُرَتْ القَالَةُ وَفَشتْ حَتَّى قَالَ قَائِلُهُم: أمَّا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَد لَقى قَوْمَهُ فَأرْسَلَ إِلَى سَعْدِ بن عُبَادَةَ فَقَالَ: مَا مَقَالَةٌ بلغتنى عَن قَوْمِكَ أكْثَرُوا فِيهَا، فَقَالَ لَه سَعْدٌ: فَقَدْ كَانَ مَا بَلَغَكَ، قَالَ: فَأين أنتَ مِنْ ذَاكَ؟ قَالَ: مَا أنا إلَّا رَجُل مِنْ قومِى فَاشْتَدَ غَضَبُهُ وَقَالَ: اجْمَعْ قَوْمَكَ ولا يَكُنْ مَعَهُم غَيْرهُم، فَجَمعَهم في حظيرة منَ حظائر السَّبْي، فَقَامَ عَلَى بَابِهَا وجَعَل لَا يَتْرُكُ إلا مَنْ كَانَ مِنْ قَوْمِهِ، وَقد تَركَ رِجَالًا مِنَ المهاجرِينَ ورد أناسا، ثُمَّ جَاءَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - يُعْرفُ في وَجْهِه الغَضَبُ، فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الأنْصَارِ ألمْ أجِدكُم ضلالا فَهَداكُم الله -تَعَالى-؟ فَجعلوا يَقُولُونَ: نعُوذُ بِالله مِنْ غَضب الله -تَعَالَى- وَمن غَضَبِ رسُولِهِ، قَالَ: ألَا تُجيبُون؟ قَالُوا: الله ورسُولُهُ أمن وأفضَلُ قَالَ: فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْهُ قَالَ: وَلو شِئْتُمْ لَقُلتُم فَصَدقْتُم وتَصَدّقْتُم، ألم نَجدك طريدًا فآويناك، ومُكذبا فَصَدَّقْنَاكَ، وعائلًا فآسَيْناكَ، وَمخذُولا فَنَصَرْناكَ، فَجعلُوا يبكون وَيقُولُونَ: الله وَرَسُولُه أمَنُّ وأفْضَلُ، أَوجدتُم مِنْ شَئ مِنْ دُنَيا أعْطَيْتُها قَومًا أتَألفهم الإسْلَامَ، وَوَكَلتُكُم إِلى إسْلَامِكُم، لَو سَلَكَ الناسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا وَسَلكتُم واديًا أو شِعْبًا لَسَلكْتُ واديكُم أو شِعْبِكُم، أنْتُم شِعار والناسُ دِثَار وَلولَا الهِجْرة لَكنتُ امرءًا مِن الأنْصَارِ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى إِنِي لأرَى مَا تَحْتَ مِنْكَبيْه قَالَ: اللَّهم اغْفِرْ للأنْصَار (ولأبناء الأنصار)، ولأبْنَاءِ أبْنَاءِ الأنْصارِ، أما تَرْضَونَ أَنْ يَذْهَبَ الناسُ بالشَّاة والبعير، وتَذْهَبُون بِرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيوتِكُم، فَبَكَى القومُ حَتَّى أخْضَلُوا لحاهم، وانْصَرفُوا وَهُم يَقُولُون: رَضِينا بالله وبرسُولِه حَظًا وَنصِيبًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>