ومنها إذا تنازع اثنان في حائط بين دارين. ففي المذهب أنه يحكم به لمن يشهد له العرف مثل أن يكون قد فعل فيه ما يفعل الملاك في أملاكهم من الرباط والمعاقل والقمط ووجوه الأجر واللبن وما أشبه ذلك. وقال الشافعي لا يحكم بذلك بل يكون بينهما وقاله أبو ثور وزاد بعد أيمانهما. ودليلنا قوله تعالى:{وأمر بالعرف}. وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه المسألة بما ذكرنا أنه مذهبنا. وكذلك إذا كان لأحدهما على الحائط جذوع والآخر لا جذوع له عليه حكم به عندنا لصاحب الجذوع قليلة كانت أو كثيرة. وقال أبو حنيفة إن كانت عدة جذوع حكم له به، فأما الجذع والجذعان فلا يعتبر بهما. وقال الشافعي لا يعتبر بالجذوع. ودليلنا قوله تعالى:{وأمر بالعرف} والعرف يقتضي أن الإنسان لا يتصرف إلا في ملكه كما لو بنى.
ومن ذلك إن تنازع رجلان في بيع أو إجارة ونحوهما وادعى أحدهما الصحة وادعى الآخر فسادًا كان الفساد الذي ادعاه عرفًا جاريًا بين الناس. فالمشهور من القول إن القول قول مدعي الصحة. ومن أصحاب مالك من قال يكون القول قول مدعي عرف الفساد