وبعابر السبيل المجتاز فيه، وهو أحد قولي زيد بن أسلم. وأما القول الخامس في الآية فضعيف؛ إذ فيه التيمم والله تعالى لم يذكر التيمم، فالظاهر إباحة ذلك لعابر السبيل متيممًا كان أو غير متيمم، ومما يؤيد أن الصلاة المراد بها موضع الصلاة، وأن عابر السبيل هو المار في المسجد ما روى بعضهم من أن سبب الآية أن قومًا من الأنصار كانت أبواب دورهم شارعة في المسجد، فإذا أصاب أحدهم الجنابة اضطر إلى المرور في المسجد، فنزلت الآية في ذلك.
[(٤٣) - قوله تعالى:{حتى تغتسلوا}]
اختلف في صفة الغسل التي عنى الله تعالى في هذه الآية، فقالت طائفة: يجزئ الجنب الانغماس في الماء دون إمرار اليد على الجسم، وهو قول الشافعي وابن عبد الحكم وأبي الفرج، وإحدى الروايتين عن مالك.
وقالت طائفة: لا يجزئ الغسل حتى يمر يديه على جسده كله وهذا أشهر قولي مالك، وحجة القول الأول أن كل من صب الماء فقد اغتسل؛ لقول العرب: غسلتني السماء. ولا مدخل فيه لإمرار اليد، وحج أهل القول الثاني: أن الغسل يتضمن زيادة على إيصال الماء إلى المحل، وليس ذلك إلا أمرار اليد؛ لأن أهل اللغة فرقوا بين الغمس والغسل، فيقولون: انغماس واغتسال، فدل على اختلاف حكمهما، ولقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة:((وادلكي جسدك بيدك)). واختلف في الجنب يحدث هل عليه وضوء أم لا؟ فالجمهور على أن لا وضوء عليه، وذهب الشافعي في بعض أقواله إلى أن عليه الوضوء ودليل القول الأول قوله تعالى:{حتى تغتسلوا}، فلم يوجب غير الغسل. والحدث الأصغر يدخل في الأكبر، وكذلك لا يجنب مع