عباس، والدليل على أبي حنيفة قوله تعالى:{فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج} وهذا قد صام ثلاثة ايام في الحج فوجب أن يجزيه. وقد قال قوم: له ابتداء تأخيرها إلى أيام التشريق لأنه لا يجب عليه الصيام إلا بأن ينحر يوم النحر، ولهذا القول بالآية تعلق لمن نظره.
(١٩٦) - وقوله تعالى:{وسبعة إذا رجعتم}[البقرة: ١٩٦].
قال مجاهد، وعطاء، وإبراهيم: المعنى إذا رجعتم إلى أوطانكم، فمن بقي بمكة صامها، ومن نهض إلى بلده صامها في الطريق. وقال قتادة والربيع: هذه رخصة من الله تعالى. والمعنى إذا رجعتم إلى أوطانكم، فلا يجب على أحد صوم السبعة حتى يصل إلى وطنه، إلا أن يتشدد أحد، كما يفعل من يصوم رمضان في السفر. وعلى حسب اختلاف هؤلاء المفسرين في تأويل هذه الآية، اختلف الفقهاء في جواز صيام سبعة أيام قبل الرجوع إلى الأهل. فأجاز ذلك مالك وأبو حنيفة إذا رجع من منى، وإن لم يصل إلى أهله، وقال بعضهم: جائز صيامها وإن لم يرجع الإنسان من منى، ولم ير قوله تعالى:{إذا رجعتم} شرطًا وجعله توسعة وتخفيفًا، مثل قوله في الصيام:{فمن كان منكم مريضًا} الآية [البقرة: ١٩٦] فأجاز له أن يصوم في رمضان، وإلى هذا ذهب ابن حبيب. وقال الشافعي في أحد قوليه: لا يصومها حتى يرجع إلى بلده. والدليل لقول مالك قوله تعالى:{وسسعة إذا رجعتم}. ووجه الاستدلال أنه تعالى ذكر الحج فقال:{ثلاثة أيام} ثم