ردهم عن البغي إلا بقتال لأن قتال أهل البغي من حقوق الله تعالى التي لا يجوز أن تضاع، وكونها محفوظة في حرمة أولى من أن تكون مضاعة فيه. وحملوا الآية على عمومها في أهل مكة وغيرهم.
[(١١) - (١٣) - قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم ... } إلى قوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى}]
ذكر بعضهم لقوله تعالى:{لا يسخر قوم من قوم} سببًا. فقال: إنها نزلت بسبب عكرمة بن أبي جهل وذلك أنه كان يمشي بالمدينة مسلمًا فقال له قوم: هذا ابن فرعون هذه الأمة. فعز ذلك عليه وشكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويسخر: معناه يستهزئ. فأمر الله تعالى في هذه الآية بترك الاستهزاء ودعا إلى مكارم الأخلاق، وكذلك ما بعدها من الآيات إنما هي أمر بمكارم الأخلاق ودعاء إلى حسن الأدب.
[(١١) - قوله تعالى:{ولا تلمزوا أنفسكم}]
اللمز: الطعن على الرجل بذكر نقيصة فيه ونحو ذلك. وقد اختلف في الفرق بين اللمز والهمز. فقيل اللمز بالقول والإشارة ونحوه مما يفهمه الآخر، والهمز لا يكون إلا باللسان. وقيل اللمز ما كان في المشهد والهمز ما كان في المغيب وقيل عكس ذلك.
وقوله تعالى:{أنفسكم} معناه لا يلمز بعضكم بعضًا، فقد نهى تعالى في هذه الآية أن يعيب أحد أحدًا. قال أبو الحسن: وأما من كان معينًا بالفجور فتعيينه به جائز.