ثم رجع إلى قومه فقتل في جملة الحرب على أنه كافر فنزلت الآية، وتسقط الدية عند القائلين بسقوطها بهذين الوجهين، أحدهما: مخافة أن يتقوى بها الكفار، والثاني: أن دية هذا الذي لم يهاجر بعد إسلامه كما له فلا دية فيه. واحتجوا بقوله تعالى:{والذين آموا ولم يهاجروا ما لكن من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا}[الأنفال: ٧٢]، وإلى هذا القول في الآية يذهب ابن عباس وقتادة وغيرهما، فهذه ثلاثة أقوال في دية المسلم الذي هو من قوم كفار يقتل خطأ في دار الحرب أو في الحرب مع الكفار، ولا خلاف في وجوب الكفارة فيه. وأما قتله هناك عمدًا فحكمه حكم سائر المؤمنين في القود بقتله، خلافًا لأبي حنيفة والشافعي في قولهما لا قود فيه على التفصيل الذي قدمنا عنهما في الخطأ. ودليل مالك ظاهر آية العمد في العقاب وظاهر آية القصاص.
(٩٢) - وقوله تعالى:{وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق} الآية:
اختلف في تأويلها على ثلاثة أقوال أيضًا، فقيل: المعنى إن كان هذا المقتول خطأ مؤمنًا من قوم معاهدين لكن فعهدهم يوجب أنهم أحق بدية صاحبهم، وتجب فيه الكفارة بتحرير رقبة. وقرأها الحسن:{وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وهو مؤمن}، فجعل أهل هذه المقالة المقتول مؤمنًا من قوم معاهدين كفار، وهو قول مالك، ولهذا قال: لا كفارة في قتل الذمي. واعتمد على قوله تعالى:{ومن قتل مؤمنًا خطئًا} الآية [النساء: ٩٢]، وقيل: المعنى إن كان هذا المقتول خطأ معاهدًا كافرًا من قوم معاهدين كفار، فقتلتموه خطأ فكفارته التحرير، ويجب فيه أداء الدية إلى