القول أن من آمن بالله، وعمل صالحًا، وكان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لهم أجرهم عند ربهم. وفي هذه الآية عندي احتمالان آخران:
أحدهما: أن يريد بقوله: {الذين آمنوا} من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من العرب وبقوله: {والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن} من هؤلاء الطوائف سوى العرب يريد بمحمد صلى الله عليه وسلم فكأنه قال: إن الذين آمنوا ومن آمن في اليهود والنصارى والصابئين فلهم أجرهم عند ربهم فتكون الآية كلها في المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم.
والاحتمال الثاني: أن يريد بقوله: {والذين هادوا} والآية من لم تبلغه الدعوة من هؤلاء الطوائف، لأنه قد اختلف فيهم، فقيل: إن أحكام شريعة محمد صلى الله عليه وسلم غير لازمة لهم ولا يكفرون بمخالفتها، وهذا مردود بقواه تعالى:{لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها}[البقرة: ٢٨٦] وذهب الجمهور إلى أنها لازمة لمن لم تبلغه ولكنه يعذر بجهله ومغيبه عن المعرفة. ويمكن أن تتأول الآية على هذا، ووزان هذه المسألة من مسائل الأصول مسألة من لم يبلغه النسخ، ومن مسائل الفروع مسألة الوكيل يُعزَلُ ولا يعلم العزل، وقد حُكي عن الشيخ أبي الحسن الأشعري أنه يجوز أن يعاد من لم تبلغه الدعوة والمجانين ويدخلون الجنة، ويجوز ألا يعادوا ولم يرد عنه قطع في ذلك.
(٦٧) - قوله تعالى:{إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} الآية [البقرة: ٦٧].
هذه الآية مقدمة في التلاوة مؤخرة في المعنى، من الآية التي بعدها وهي قوله:{وإذ قتلتم نفسًا} الآية [البقرة: ٦٧] مؤخرة في التلاوة ومقدمة في المعنى على الآية قبلها. وإنما يقدر هذا لأن البقرة إنما أمر بذبحها بسبب