للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القتيل وقع أولًا، ثم الأمر بذبح البقرة بعد ذلك. ويجوز أن يكون قوله تعالى: {وإذ قتلتم نفسًا فادارأتم فيها} مقدمًا في النزول، وجاءت التلاوة به على ما هو مؤخر ويجوز أن ترتب نزولها على حسب تلاوتها فكأن الله تعالى أمرهم بذبح البقرة حتى ذبحوها، ثم وقع أمر القتيل فأمروا أن يضربوه ببعضها، ويجوز أن يكون ترتيب نزولها على حسب تلاوتها، وإن كان أمر القتيل مقدمًا في المعنى لأن الواو لا توجب ترتيبًا، كقول القائل: اذكر إذا أعطيت زيدًا ألف درهم وابني داري. والبناء مقدم على العطية. ونظيره في قصة نوح بعد ذكر الطوفان وانقضائه في قوله تعالى: {قلنا احمل فيها من كل زوجدين اثنين} إلى قوله: {إلا قليل} [هود: ٤٠] فذكر إهلاك من هلك منهم، ثم عطف عليه بقوله: {وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها} [هود: ٤١] فالمعنى يجب مراعاة ترتيبه لا اللفظ، وقد اختلف في قوله تعالى: {أن تذبحوا} هذه هل هي مجمل يفتقر إلى بيان، أو عام. فإن قلنا: إنه عموم وهو الذي ذهب إليه بعض حذاق الأصوليين كان ما بعده بيانًا عل نذهب كثير من الأصوليين، وعلى مذهب القاضي يكون نسخًا. وقد اعترض على من قال هذا فقيل له نسخ قبل مجيء وقته فأجابوا فأنه قد جاء وقته وقصروا في الأداء، قيل فهلا أنكر عليهم في أول المراجعة فأجابوا أن التغليظ ضرب من التكبر، ودل عليه قوله: {وما كادوا يفعلون} على القول بأنه لفظ عام لم يكن للمراجعة فيه وجه لأن الامتثال كان يصح بأي بقرة كانت، إلا على القول الواقفية في لفظ العموم، فإن حكمه عندهم حكم المجمل في

<<  <  ج: ص:  >  >>